معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

ثم أخبر بثوابهم فقال :{ جنات عدن يدخلونها } يعني : الأصناف الثلاثة ، قرأ أبو عمرو يدخلونها بضم الياء وفتح الحاء ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء . { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

ثم ذكر جزاء الذين أورثهم كتابه فقال : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } أي : جنات مشتملات على الأشجار ، والظل ، والظليل ، والحدائق الحسنة ، والأنهار المتدفقة ، والقصور العالية ، والمنازل المزخرفة ، في أبد لا يزول ، وعيش لا ينفد .

والعدن " الإقامة " فجنات عدن أي : جنات إقامة ، أضافها للإقامة ، لأن الإقامة والخلود وصفها ووصف أهلها .

{ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ } وهو الحلي الذي يجعل في اليدين ، على ما يحبون ، ويرون أنه أحسن من غيره ، الرجال والنساء في الحلية في الجنة سواء .

{ و } يحلون فيها { لُؤْلُؤًا } ينظم في ثيابهم وأجسادهم . { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } من سندس ، ومن إستبرق أخضر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده ، الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي : جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على ربهم ، عز وجل ، { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا } ، كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تبلغ الحلية{[24569]} من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " . {[24570]}

{ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } ولهذا كان محظورا عليهم في الدنيا ، فأباحه الله لهم في الدار الآخرة ، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " . وقال : " [ لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ]{[24571]} هي لهم في الدنيا ولكم{[24572]} في الآخرة " .

وقال{[24573]} ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن سواد السَّرْحي ، أخبرنا ابن وهب ، عن ابن لَهِيعَة ، عن عقيل بن خالد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ؛ أن أبا أمامة حدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ، وذكر حلي أهل الجنة فقال : " مسورون بالذهب والفضة ، مُكَلَّلة بالدّر ، وعليهم أكاليل من دُرّ وياقوت متواصلة ، وعليهم تاج كتاج الملوك ، شباب جُرْدٌ مُردٌ مكحَّلُون " . {[24574]}


[24569]:- في ت : "الحليلة"، وفي أ : "الحلة".
[24570]:- صحيح مسلم برقم (246).
[24571]:- زيادة من ت، أ.
[24572]:- في س : "ولنا".
[24573]:- في ت : "وروى".
[24574]:- (6) ورواه أبو نعيم في صفة الجنة برقم (267) من طريق علي بن الحسن عن عمرو بن سواد، به. والحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

القول في تأويل قوله تعالى : { جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِيَ أَذْهَبَ عَنّا الْحَزَنَ إِنّ رَبّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } .

يقول تعالى ذكره : بساتين إقامة يدخلونها هؤلاء الذين أورثناهم الكتاب ، الذين اصطفينا من عبادنا يوم القيامة يُحَلّوْنَ فِيها مِنْ أساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ يلبسون في جنات عدن أسورة من ذهب وَلُؤْلُؤا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ يقول : ولباسهم في الجنة حرير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

{ جنات عدن يدخلونها } مبتدأ وخبر والضمير للثلاثة أو ل { الذين } أو لل { مقتصد } وال { سابق } ، فإن المراد بهما الجنس وقرئ " جنة عدن " و { جنات عدن } منصوب بفعل يفسره الظاهر ، وقرأ أبو عمرو " يدخلونها " على البناء للمفعول . { يحلون فيها } خبر ثان أو حال مقدرة ، وقرئ " يحلون " من حليت المرأة فهي حالية . { من أساور من ذهب } { من } الأولى للتبعيض والثانية للتبيين . { ولؤلؤا } عطف على { ذهب } أي { من ذهب } مرصع باللؤلؤ ، أو { من ذهب } في صفاء اللؤلؤ ونصبه نافع وعاصم رحمهما الله تعالى عطفا على محل { من أساور } { ولباسهم فيها حرير } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

الأظهر أنه بدل اشتمال من قوله : { ذلك هو الفضل الكبير } [ فاطر : 32 ] فإن مما يشتمل عليه الفضل دخولهم الجنة كما علمت وتخصيص هذا الفضل من بين أصنافه لأنه أعظم الفضل لأنه أمارة على رضوان الله عنهم حين إدخالهم الجنة ، { ورضوانٌ من الله أكبر } [ التوبة : 72 ] .

ويجوز أن يكون استئنافاً بيانياً لبيان الفضل الكبير وقد بيّن بأعظم أصنافه . والمعنى واحد .

وضمير الجماعة في { يدخلونها } راجع إلى { الذين اصطفينا } [ فاطر : 32 ] المقسم إلى ثلاثة أقسام : ظالممٍ ، ومقتصدٍ ، وسابققٍ ، أي هؤلاء كلهم يدخلون الجنة لأن المؤمنين كلهم مآلهم الجنة كما دلت عليه الأخبار التي تكاثرت . وقد روى الترمذي بسند فيه مجهولان عن أبي سعيد الخدري « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] قال : " هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة " . قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال أبو بكر بن العربي في « العارضة » : من الناس من قال : إن هذه الأصناف الثلاثة هم الذين في سورة الواقعة ( 8 10 ) : { أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون } وهذا فاسد لأن أصحاب المشأمة في النار الحامية ، وأصحاب سورة فاطر في جنة عالية لأن الله ذكرهم بين فاتحة وخاتمة فأما الفاتحة فهي قوله : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } [ فاطر : 32 ] فجعلهم مصطفَيْن . ثم قال في آخرهم { جنات عدن يدخلونها } [ فاطر : 33 ] ولا يصطفَى إلا من يدخل الجنة ، ولكن أهل الجنة ظالم لنفسه فقال : { فمنهم ظالم لنفسه } [ فاطر : 32 ] وهو العاصي والظالم المطلق هو الكافر ، وقيل عنه : الظالم لنفسه رفقاً به ، وقيل للآخر : السابق بإذن الله إنباء أن ذلك بنعمة الله وفضله لا من حال العبد ا ه .

وفي الإِخبار بالمسند الفعلي عن المسنْد إليه إفادة تقوي الحكم وصوَغ الفعل بصيغة المضارع لأنه مستقبل ، وكذلك صوغ { يحلون } وهو خبر ثانٍ عن { جنات عدن } . وتقدم نظيرها في سورة الحج فانظره .

وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر { ولؤلؤاً } بالنصب عطفاً على محل { أساور } لأنه لما جر بحرف الجر الزائد كان في موضع نصب على المفعول الثاني لفعل { يحلون } فجاز في المعطوف أن ينصب على مراعاة محل المعطوف عليه . وقرأه الباقون بالجر على مراعاة اللفظ ، وهما وجهان .