إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

{ جنات عَدْنٍ } إمَّا بدلٌ من الفضلُ الكبيرُ بتنزيلِ السَّببِ منزلةَ المسَّببِ أو مبتدأٌ خبرُه { يَدْخُلُونَهَا } وعلى الأوَّلِ هو مستأنفٌ وجمعُ الضَّميرِ لأنَّ المرادَ بالسَّابقِ الجنسُ وتخصيصُ حالِ السَّابقينَ ومآلِهم بالذِّكرِ والسُّكوتُ عن الفريقينِ الآخرينِ وإنْ لم يدلَّ على حرمانِهما من دخولِ الجنةِ مُطلقاً لكنَّ فيه تحذيراً لهما من التَّقصيرِ وتحريضاً على السَّعيِ في إدراكِ شأوِ السَّابقينَ . وقرئ جنَّاتِ عدنٍ وجَّنةَ عدنٍ على النَّصبِ بفعلٍ يفسِّره الظَّاهرُ . وقرئ يُدخَلُونها على البناءِ للمفعولِ { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } خبرٌ ثانٍ ، أو حالٌ مقدرةٌ . وقرئ يحلُون من حَلِيتْ المرأةُ فهي حاليةٌ { مِنْ أَسَاوِرَ } هيَ جمعُ أسورةٍ جمع سوارٍ { مّن ذَهَبٍ } مِن الأُولى تبعيضيَّةٌ ، والثَّانيةُ بيانيَّةٌ أي يُحلَّون بعضَ أساورَ من ذهبٍ كأنَّه أفضلُ من سائرِ أفرادِها { وَلُؤْلُؤاً } بالنَّصبِ عطفاً على محلِّ من أساورَ وقرئ بالجرِّ عطفاً على ذهبٍ أي من ذهبٍ مرصعٍ باللُّؤلؤِ أو من ذهبٍ في صفاءِ اللُّؤلؤِ { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } وتغييرُ الأسلوبِ قد مرَّ سرُّه في سورةِ الحجِّ .