السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

ولما ذكر الله سبحانه وتعالى أحوالهم بين جزاءهم ومالهم بقوله تعالى مستأنفاً جواباً لمن سأل عن ذلك : { جنات عدن } أي : إقامة بلا رحيل ؛ لأنه لا سبب للترحيل عنها وقوله تعالى { يدخلونها } أي : الثلاثة أصناف ، خبر جنات عدن ومن دخلها لم يخرج منها ؛ لأنه لا شيء يخرجه ولا هو يريد الخروج منها ، وقرأ أبو عمرو بضم الياء وفتح الخاء ، والباقون بفتح الياء وضم الخاء .

ولما كان الداخل إلى مكان أول ما ينظر إلى ما فيه من النفائس قال تعالى { يحلون فيها } أي : يلبسون على سبيل التزين والتحلي { من أساور } أي : بعض أساور { من ذهب } فمن الأولى للتبعيض ، والثانية للتبيين وقوله تعالى { ولؤلؤ } عطف على ذهب أي : من ذهب مرصع باللؤلؤ ، أو من ذهب في صفاء اللؤلؤ ، وقرأ عاصم ونافع بالنصب عطفاً على محل من أساور ، والباقون بالجر .

تنبيه : أساور جمع أسورة وهي جمع سوار ، وذكر الأساور من بين سائر الحلي في مواضع كثيرة كقوله تعالى { وحلّوا أساور من فضة } ( الإنسان : 21 ) يدل على كون المتحلي غير مبتذل في الأشغال ؛ لأن كثرة الأعمال باليد فإذا حليت بالأساور على الفراغ من الأعمال ، ولما كانت هذه الزينة لا تليق إلا على اللباس الفاخر قال تعالى { ولباسهم فيها حرير } .