غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (33)

1

قال جار الله : أبدل قوله { جنات عدن } من الفضل لأنها مسببة عنه وكأنها هو . قلت : ويمكن أن يقال { جنات عدن } مبتدأ لأنها معرفة بدليل قوله { جنات عدن التي وعد الرحمن } [ مريم : 61 ] ولئن سلم أنها نكرة فليكن { يدخلونها } صفة له وخبرها { يحلون } ثم إن ضمير { يدخلون } إن عاد إلى التالين لكتاب الله أو إلى السابقين فلا إشكال ؛ فالظالم يدخل النار والمقتصد يكون أمره موقوفاً كقوله { وآخرون مرجون لأمر الله }

[ التوبة : 106 ] أو كقوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } وإن عاد إلى الفرق الثلاث فبشرط العفو أو بشرط التوبة ، وقد يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له " وفي تقديم { جنات عدن } وبناء الكلام عليها دون أن يقول " يدخلون جنات عدن " إيذان بأن الاهتمام بشأنها أكثر فإن نظر السامع على المدخول فيه لا على نفس الدخول . وقد مرت العبارة الأصلية في سورة الحج في قوله { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات } إلى قوله { حرير } [ الآية : 23 ] وتغيير العبارة في هذا المقام لمزيد هذه الفائدة والله أعلم . وفي قوله { يحلون فيها } إشارة إلى سرعة الدخول فإن في تحليتهم خارج الجنة تأخيراً للدخول . وفي تحليتهم بالسوار إشارة إلى أمرين : أحدهما الترفه والتنعم ، الثاني أنهم لا يحتاجون فيها إلى عمل من الطبخ وتهيئة سائر الأسباب . قال جار الله : أي يحلون بعض أساور من ذهب كأنه بعض سابق لسائر الأبعاض كما سبق المسوّرون به غيرهم ، والذهب واللؤلؤ إشارة إلى النوعين اللذين منهما الحليّ . وقيل : إن ذلك الذهب في صفاء اللؤلؤ .

/خ1