{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } ، قال نافع : مع محمد وأصحابه . وقال سعيد ابن جبير : مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . وقال ابن جريج : مع المهاجرين ، لقوله تعالى : { للفقراء المهاجرين } إلى قوله { أولئك هم الصادقون } [ الحشر -8 ] وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بإخلاص نية . وقيل : مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة . وكان ابن مسعود يقرأ : " وكونوا مع الصادقين " وقال ابن مسعود : إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجز له ، اقرؤا إن شئتم وقرأ هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } .
{ 119 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }
أي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } باللّه ، وبما أمر اللّه بالإيمان به ، قوموا بما يقتضيه الإيمان ، وهو القيام بتقوى اللّه تعالى ، باجتناب ما نهى اللّه عنه والبعد عنه .
{ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ، الذين أقوالهم صدق ، وأعمالهم ، وأحوالهم لا تكون إلا صدقا خلية من الكسل والفتور ، سالمة من المقاصد السيئة ، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة .
قال الله تعالى : { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } الآية .
وفي ظل قصة التوبة على الذين ترددوا والذين تخلفوا ؛ وفي ظل عنصر الصدق البادي في قصة الثلاثة الذين خلفوا ؛ يجيء الهتاف للذين آمنوا جميعاً أن يتقوا اللّه ويكونوا مع الصادقين في إيمانهم من أهل السابقة ؛ ويجيء التنديد بتخلف أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ، مع الوعد بالجزاء السخي للمجاهدين :
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وكونوا مع الصادقين . ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول اللّه ، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل اللّه ، ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ، ولا ينالون من عدو نيلاً ، إلا كتب لهم به عمل صالح ، إن اللّه لا يضيع أجر المحسنين . ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ، ولا يقطعون وادياً ، إلا كتب لهم ، ليجزيهم اللّه أحسن ما كانوا يعملون ) . .
إن أهل المدينة هم الذين تبنوا هذه الدعوة وهذه الحركة ، فهم أهلها الأقربون . وهم بها ولها . وهم الذين آووا رسول اللّه - [ ص ] - وبايعوه ؛ وهم الذين باتوا يمثلون القاعدة الصلبة لهذا الدين في مجتمع الجزيرة كله . وكذلك القبائل الضاربة من حول المدينة وقد أسلمت ؛ وباتت تؤلف الحزام الخارجي للقاعدة . . فهؤلاء وهؤلاء ليس لهم أن يتخلفوا عن رسول اللّه ، وليس لهم أن يؤثروا أنفسهم على نفسه . . وحين يخرج رسول اللّه - [ ص ] - في الحر أوالبرد . في الشدة أو الرخاء . في اليسر أو العسر . ليواجه تكاليف هذه الدعوة وأعباءها ، فإنه لا يحق لأهل المدينة ، أصحاب الدعوة ، ومن حولهم من الأعراب ، وهم قريبون من شخص رسول اللّه - [ ص ] - ولا عذر لهم في ألا يكونوا قد علموا ، أن يشفقوا على أنفسهم مما يحتمله رسول اللّه [ ص ] .
من أجل هذه الاعتبارات يهتف بهم أن يتقوا اللّه وأن يكونوا مع الصادقين ، الذين لم يتخلفوا ، ولم تحدثهم نفوسهم بتخلف ، ولم يتزلزل إيمانهم في العسرة ولم يتزعزع . . وهم الصفوة المختارة من السابقين والذين اتبعوهم بإحسان :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.