النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (119)

قوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } في هذه الآية قولان :

أحدهما : أنها في أهل الكتاب ، وتأويلها : يا أيها الذين آمنوا من اليهود بموسى ، ومن النصارى بعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فآمنوا به ، وكونوا مع الصادقين يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جهاد المشركين ، قاله مقاتل بن حيان .

الثاني : أنها في المسلمين ، وتأويلها : يا أيها الذين آمنوا من المسلمين اتقوا الله وفي المراد بهذه التقوى وجهان :

أحدهما : اتقوا الله من الكذب ، قال ابن مسعود : إن الكذب لا يصلح في جدٍّ ولا هزل ، اقرأُوا إن شئتم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } وهي قراءة ابن مسعود هكذا : من الصادقين .

والثاني : اتقوا الله في طاعة رسوله إذا أمركم بجهاد عدوِّه .

{ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } فيهم أربعة أقاويل :

أحدها : مع أبي بكر وعمر ، قاله الضحاك .

الثاني : مع الثلاثة الذين خُلفوا حين صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخرهم ولم يكذبوا . قاله السدي .

والثالث : مع من صدق في قوله ونيته وعمله وسره وعلانيته ، قاله قتادة .

والرابع : مع المهاجرين لأنهم لم يتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن جريج .