فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (119)

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } في مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم { وكونوا مع الصادقين } هذا الأمر بالكون مع الصادقين بعد قصة الثلاثة يفيد الإشارة إلى أن هؤلاء الثلاثة حصل لهم بالصدق ما حصل من توبة الله ، وظاهر الآية الأمر للعباد على العموم ، قال نافع : قيل للثلاثة كونوا مع محمد وأصحابه . وقال سعيد بن جبير : كونوا مع أبي بكر وعمر وزاد الضحاك وأصحابهما وعن ابن عباس مع علي بن أبي طالب ، وعن جعفر قال : مع الثلاثة الذين خلفوا .

قال ابن جرير : مع المهاجرين وقيل مع الذين خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك ، وقيل مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الباطلة ، وهذه الآية تدل على فضيلة الصدق .

روي أن أبا بكر احتج بهذه الآية على الأنصار في يوم السقيفة حين قال الأنصار منا أمير ومنكم أمير ، فقال : إن الله يقول في كتابه { للفقراء المهاجرين } إلى قوله : { أولئك هم الصادقون } فمن هؤلاء قال الأنصار أنتم هم ؛ فقال إن الله يقول : { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } فأمركم أن تكونوا معنا ولم يأمرنا أن نكون معكم .

قيل والآية تدل على أن الإجماع حجة لأنه أمر بالكون مع الصادقين فلزم قبول قولهم ، وقيل مع بمعنى من ، أي كونوا منهم والله أعلم .