لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (119)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } يعني في مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم { وكونوا مع الصادقين } يعني مع من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الغزوات ولا تكونوا مع المتخلفين من المنافقين الذي قعدوا في البيوت وتركوا الغزو . وقال سعيد بن جبير : مع الصادقين يعني مع أبي بكر وعمر . قال ابن جريج : مع المهاجرين . وقال ابن عباس : مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بإخلاص نية . وقيل : كونوا مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب وهم يعتذرون بالأعذار الباطلة الكاذبة وهذه الآية تدل على فضيلة الصدق لأن الصدق يهدي إلى الجنة والكذب إلى الفجور كما ورد في الحديث . وقال ابن مسعود : الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ولا أن يعد أحدكم صاحبه شيئاً ثم لا ينجزه اقرأوا إن شئتم وكونوا مع الصادقين .

وروي أن أبا بكر الصديق احتج بهذه الآية على الأنصار في يوم السقيفة وذلك أن الأنصار قالوا : منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر : يا معشر الأنصار إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه للفقراء المهاجرين إلى قوله أولئك هم الصادقون من هم قالت الأنصار : أنتم هم فقال أبو بكر : إن الله تعالى يقول : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فأمركم أن تكونوا معنا ولم يأمرنا أن نكون معكم نحن الأمراء وأنتم الوزراء وقيل مع بمعنى من والمعنى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا من الصادقين .