التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (119)

ثم وجه - سبحانه - نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بأن يتقوا الله حق تقاته وأن يكونوا مع الصادقين ، وأوجب عليهم الغزة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعدهم عليه بجزيل الثواب ، وتوعد المتخلفين عنه بشديد العقاب فقال - تعالى - : { ياأيها الذين آمَنُواْ . . . مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

والمعنى : يا من آمنتم بالله واليوم الآخر . . اتقوا الله حق تقاته ، بأن تفعلوا ما كلفكم به . وتتركوا ما نهاكم عنه ، { وَكُونُواْ مَعَ الصادقين } في دين الله نية وقولا وعملا وإخلاصا ؛ فإن الصدق ما وجد في شئ إلا زانه ، وما وجد الكذب في شئ إلا شأنه .

قال القرطبى : حق من فهم عن الله وعقل منه : أن يلازم الصدق في الأقوال والإِخلاص في الأعمال ، والصفاء في الأحوال ، فمن كان كذلك لحق بالأبرار ووصل إلى ربنا الغفار .

قال - صلى الله عليه وسلم - " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا " .

والكذب على الضد من ذلك . قال - صلى الله عليه وسلم - " إياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور ، وإن الفجور يهدى إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " .

فالكذب عار ، وأهله مسلوبو الشهادة ، وقد رد - صلى الله عليه وسلم - شهاد رجل من كذبه كذبها . وسئل شريك بن عبد الله فقيل له : يا أبا عبد الله ، رجل سمعته يكذب متعمدا ، أصلى خلفه ؟ قال : لا .