معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله ، ونحن أيضاً يا رسول الله نكلمهن من وراء الحجاب ؟ فأنزل الله : { لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن } أي : لا إثم عليهن في ترك الاحتجاب من هؤلاء ، { ولا نسائهن } قيل : أراد به النساء المسلمات ، حتى لا يجوز للكتابيات الدخول عليهن ، وقيل : هو عام في المسلمات والكتابيات ، وإنما قال : ولا نسائهن لأنهن من أجناسهن ، { ولا ما ملكت أيمانهن } . واختلفوا في أن عبد المرأة هل يكون محرماً لها أم لا ؟ فقال قوم : يكون محرماً لقوله عز وجل : { ولا ما ملكت أيمانهن } وقال قوم : هو كالأجانب ، والمراد من الآية الإماء دون العبيد . { واتقين الله }أن يراكن غير هؤلاء ، { إن الله كان على كل شيء } من أعمال العباد { شهيداً }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

{ 55 } { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا }

لما ذكر أنهن لا يسألن متاعًا إلا من وراء حجاب ، وكان اللفظ عامًا [ لكل أحد ]{[720]}  احتيج أن يستثنى منه هؤلاء المذكورون ، من المحارم ، وأنه { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } في عدم الاحتجاب عنهم .

ولم يذكر فيها الأعمام ، والأخوال ، لأنهن إذا لم يحتجبن عمن هن عماته ولا{[721]}  خالاته ، من أبناء الإخوة والأخوات ، مع رفعتهن عليهم ، فعدم احتجابهن عن عمهن وخالهن ، من باب أولى ، ولأن منطوق الآية الأخرى ، المصرحة بذكر العم والخال ، مقدمة ، على ما يفهم من هذه الآية .

وقوله { وَلَا نِسَائِهِنَّ } أي : لا جناح عليهن ألا يحتجبن عن نسائهن ، أي : اللاتي من جنسهن في الدين ، فيكون ذلك مخرجًا لنساء الكفار ، ويحتمل أن المراد جنس النساء ، فإن المرأة لا تحتجب عن المرأة . { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ما دام العبد في ملكها جميعه .

ولما رفع الجناح عن هؤلاء ، شرط فيه وفي غيره ، لزوم تقوى اللّه ، وأن لا يكون في محذور شرعي فقال : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } أي : استعملن تقواه في جميع الأحوال { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } يشهد أعمال العباد ، ظاهرها وباطنها ، ويسمع أقوالهم ، ويرى حركاتهم ، ثم يجازيهم على ذلك ، أتم الجزاء وأوفاه .


[720]:- زيادة من: ب.
[721]:- في ب: بدون (لا) وهو الأقرب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

49

وبعد الإنذار والتهديد يعود السياق إلى استثناء بعض المحارم الذين لا حرج على نساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] في أن يظهرن عليهم :

( لا جناح عليهن في آبائهن ، ولا أبنائهن ، ولا إخوانهن ، ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ، ولا نسائهن ، ولا ما ملكت أيمانهن . واتقين الله . إن الله كان على كل شيء شهيدا ) . .

وهؤلاء المحارم هم الذين أبيح لنساء المسلمين عامة أن يظهرن عليهم . . ولم أستطع أن أتحقق أي الآيات كان أسبق في النزول ؛ الآية الخاصة بنساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] هنا ، أم الآية العامة لنساء المسلمين جميعا في سورة النور . والأرجح أن الأمر كان خاصا بنساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ثم عمم . فذلك هو الأقرب إلى طبيعة التكليف . و لا يفوتنا أن نلحظ هذا التوجيه إلى تقوى الله ، والإشارة إلى اطلاعه على كل شيء : ( واتقين الله ، إن الله كان على كل شيء شهيدا ) . فالإيحاء بالتقوى ومراقبة الله يطرد في مثل هذه المواضع ، لأن التقوى هي الضمان الأول والأخير ، وهي الرقيب اليقظ الساهر على القلوب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب ، بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم ، كما استثناهم في سورة النور ، عند قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ } إلى آخرها ، [ النور : 31 ] ، وفيها زيادات على هذه . وقد تقدم تفسيرها والكلام عليها بما أغنى عن إعادته . وقد سأل بعض السلف فقال : لِم لَمْ يذكر العم والخال في هاتين الآيتين ؟ فأجاب عكرمة والشعبي : بأنهما لم يذكرا ؛ لأنهما قد يصفان ذلك لبنيهما . قال ابن جرير : حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا حجاج بن مِنْهال ، حدثنا حماد ، حدثنا داود ، عن الشعبي وعكرمة في قوله : { لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } قلت : ما شأن العم والخال لم يذكرا ؟ قالا هما{[23797]} ينعتانها لأبنائهما . وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها .

وقوله : { وَلا نِسَائِهِنَّ } : يعني بذلك : عَدَم الاحتجاب من النساء المؤمنات .

وقوله : { وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } يعني به : أرقاءَهن من الذكور والإناث ، كما تقدم التنبيه عليه ، وإيراد الحديث فيه{[23798]} .

قال سعيد بن المسيب : إنما يعني به : الإماء فقط . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } أي : واخشينه في الخلوة والعلانية ، فإنه شهيد على كل شيء ، لا تخفى عليه خافية ، فراقبن الرقيب .


[23797]:- في أ: "لأنهما".
[23798]:- تقديم تخريج الحديث عند تفسير الآية: 31 من سورة النور.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

{ لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن } استثناء لمن لا يجب الاحتجاب عنهم . روي : أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نكلمهن أيضا من وراء حجاب فنزلت . وإنما لم يذكر العم والخال لأنهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمي العم أبا في قوله { وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } أو لأنه كره ترك الاحتجاب عنهما مخافة أن يصفا لأبنائهما . { ولا نسائهن } يعني نساء المؤمنات . { ولا ما ملكت أيمانهن } من العبيد والإماء ، وقيل من الإماء خاصة وقد مر في سورة " النور " { واتقين الله } فيما أمرتن به . { إن الله كان على كل شيء شهيدا } لا يخفى عليه خافية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

ثم ذكر تعالى الإباحة فيمن سمي من القرابة إذ لا تقضي أحوال البشر إلا مداخلة من ذكر وكثرة ترداده وسلامة نفسه من أمر الغزل لما تتحاماه النفوس من ذوات المحارم ، فمن ذلك الآباء والأولاد والإخوة وأبناؤهم وأبناء الأخوات ، وقوله : { ولا نسائهن } دخل فيه الأخوات والأمهات وسائر القرابات ومن يتصل من المتصرفات لهن ، هذا قول جماعة من أهل العلم ، ويؤيد قولهم هذه الإضافة المخصصة في قوله { نسائهن } وقال ابن زيد وغيره إنما أراد جميع النساء المؤمنات وتخصيص الإضافة إنما هو في الإيمان ، وقوله تعالى : { ولا ما ملكت أيمانهن } قالت طائفة من الإماء دون العبيد ، وقالت طائفة من العبيد والإماء ، ثم اختلفت هذه الطائفة ، فقالت فرقة : ما ملكت من العبيد دون من ملك سواهن ، وقالت فرقة : بل من جميع العبيد كان في ملكهن أو في ملك غيرهن ، والكاتب إذا كان معه ما يؤدي فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب الحجاب دونه ، وفعلت ذلك أم سلمة مع مكاتبها نبهان ، ذكره الزهراوي ، وقالت فرقة دخل الأعمام في الآباء ، وقال الشعبي وعكرمة لم يذكرهم لإمكان أن يصفوا لأبنائهم ، وكذلك الخال وكرها أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها ، واختلف المتأولون في المعنى الذي رفع فيه الجناح بهذه الآية فقال قتادة هو الحجاب ، أي أبيح لهذه الأصناف الدخول على النساء دون حجاب ورؤيتهن ، وقال مجاهد ذلك في رفع الجلباب وإبداء الزينة ، ولما ذكر تعالى الرخصة في هذه الأصناف وانجزمت الإباحة عطف بأمرهن بالتقوى عطف جملة على جملة وهذا في نهاية البلاغة والإيجاز ، كأنه قال اقتصرن على هذا { واتقين الله } تعالى فيه أن تتعدينه إلى غيره ، ثم توعد تعالى قوله { واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيداً } .