معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

قوله تعالى : { وتولى عنهم } ، وذلك أن يعقوب عليه السلام لما بلغه خبر بنيامين تتام حزنه وبلغ جهده ، وتهيج حزنه على يوسف فأعرض عنهم ، { وقال يا أسفى } ، يا حزناه ، { على يوسف } ، والأسف أشد الحزن ، { وابيضت عيناه من الحزن } ، عمي بصره . قال مقاتل : لم يبصر بهما ست سنين ، { فهو كظيم } أي : مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه . وقال قتادة : يردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرا . قال الحسن : كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاما لا تجف عينا يعقوب وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله من يعقوب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

{ 84 - 86 } { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }

أي : وتولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده بعد ما أخبروه هذا الخبر ، واشتد به الأسف والأسى ، وابيضت عيناه من الحزن الذي في قلبه ، والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء ، حيث ابيضت عيناه من ذلك .

{ فَهُوَ كَظِيمٌ } أي : ممتلئ القلب من الحزن الشديد ، { وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } أي : ظهر منه ما كمن من الهم القديم والشوق المقيم ، وذكرته هذه المصيبة الخفيفة بالنسبة للأولى ، المصيبة الأولى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

وتولى عنهم وقال : يا أسفا على يوسف ! وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم . .

وهي صورة مؤثرة للوالد المفجوع . يحس أنه منفرد بهمه ، وحيد بمصابه ، لا تشاركه هذه القلوب التي حوله ولا تجاوبه ، فينفرد في معزل ، يندب فجيعته في ولده الحبيب . يوسف . الذي لم ينسه ، ولم تهون من مصيبته السنون ، والذي تذكره به نكبته الجديدة في أخيه الأصغر فتغلبه على صبره الجميل :

يا أسفا على يوسف ! . .

ويكظم الرجل حزنه ويتجلد فيؤثر هذا الكظم في أعصابه حتى تبيض عيناه حزنا وكمدا :

( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) . .