تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

وقوله تعالى : ( وتولى عنهم ) أي أعرض عنهم ، وعاتبهم ، حين أخبروه أن ابنه سرق ( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ) قيل : يا حزنا على يوسف ، وقيل : يا جزعا [ على يوسف ][ ساقطة من الأصل وم ] .

وقال القتبي : الأسف أشد الحسرة ، وأصله أنه النهاية في الحزن إذا بلغ غايته و نهايته ؛ يقال : أسف ، وهو النهاية في الغضب أيضا كقوله : ( فلما آسفونا ) أي أغضبونا ( انتقمنا منهم )[ الزخرف : 55 ] .

وقوله تعالى : ( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ) يحتمل أن يكون [ لا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] على إظهار القول باللسان ، ولكن إخبار عما في ضميره ، وذلك جائز كقوله : ( إنما نعطيكم لوجه الله )[ الإنسان : 9 ] أخبر عما في قلوبهم لأن قالوا ذلك باللسان . ويحتمل القول به على غير قصد منه .

وقوله تعالى : ( فهو كظيم ) الكظم[ في الأصل وم : الكظيم ] هو كف النفس عن الجزع ، وترديد الحزن في الجوف على غير إظهار في أفعاله[ أدرج قبلها في الأصل وم : غير ] . والجزع هو ما ظهر من أفعاله ، والذي يهيج الغضب ؛ إلا أن الحزن يكون على من فوقه ، والغضب [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] من تحت يده ، وسبب هيجانها واحد ، أو أن يكون الكظيم هو الذي يستر ، ويغطي [ في القلب ما ][ في الأصل وم : القلب إذا ] حل به . والهم هو ما يبعث على القصد من [ مباشرة سبب دفعه ، وهو مأخوذ من ][ ساقطة من الأصل وم ] الهم به . والحزن هو ما يؤثر التغيير في الخلقة ، ولا يظهر في الأفعال . والجزع يظهر في الأفعال ، ولا يغير الخلقة عن حالها . لذلك [ عمل الحزن ][ ساقطة من الأصل وم ] في ضعف نفس يعقوب ، وعمل في [ إهلاك بعضه حين ][ في الأصل وم : الهلاك بعضه حيث ] ذهبت عيناه ، وابيضت من الحزن . والكظيم ما ذكرنا ؛ هو الذي يردد الحزن في جوفه ، ولا يظهره[ في الأصل وم : يظهر ] ، ويكفه عن الجزع .