النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

قوله عز وجل : { وتولَّى عنهم وقال يا أسفَى على يوسف } فيه وجهان :

أحدهما : معناه واجزعاه{[1532]} قاله مجاهد ، ومنه قول كثير :

فيا أسفا للقلب كيف انصرافُه *** وللنفس لما سليت{[1533]} فتسلّتِ

الثاني : معناه يا جزعاه ، قاله ابن عباس . قال حسان بن ثابت يرثي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

فيا أسفا ما وارت الأرض واستوت *** عليه وما تحت السلام{[1534]} المنضد

وفي{[1535]} هذا القول وجهان :

أحدهما : أنه أراد به الشكوى إلى الله تعالى ولم يرد به الشكوى منه رغباً إلى الله تعالى في كشف بلائه .

الثاني : أنه أراد به الدعاء ، وفيه قولان :

أحدهما : مضمر وتقديره يا رب ارحم أسفي على يوسف{[1536]} .

{ وابيضت عَيْنَاه من الحزن } فيه قولان :

أحدهما : أنه ضعف بصره لبياض حصل فيه من كثرة بكائه .

الثاني : أنه ذهب بصره ، قاله مجاهد .

{ فهو كظيم } فيه أربعة أوجه{[1537]} :

أحدها : أنه الكمد ، قاله الضحاك .

الثاني : أنه الذي لا يتكلم{[1538]} ، قاله ابن زيد .

الثالث : أنه المقهور ، قاله ابن عباس ، قال الشاعر :

فإن أك كاظماً لمصاب شاسٍ{[1539]} *** فإني اليوم منطلق لساني

والرابع : أنه المخفي لحزنه ، قاله مجاهد وقتادة ، مأخوذ من كظم الغيظ وهو إخفاؤه ، قال الشاعر :

فحضضت قومي واحتسبت{[1540]} قتالهم *** والقوم من خوفِ المنايا كظم


[1532]:في ق ياجزعاه.
[1533]:في ك سيلت والتصويب من ق.
[1534]:السلام: الحجارة.
[1535]:من هنا إلى: وابيضت عيناه سقط من ق.
[1536]:لم يذكر القول الثاني.
[1537]:في ق: فيه وجهان أحدهما.
[1538]:سقط من ق.
[1539]:في الأصل كاظما المصاب شاس، والصواب ما أثبته.
[1540]:في ك واستحسنت وهو تحريف.