بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

قوله تعالى : { وتولى عَنْهُمْ } يعني : أعرض عن بنيه وخرج عنهم { وَقَالَ يا أسفي على يُوسُفَ } يعني : يا حزناً ، والأسف : أشد الحسرة { وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن } يعني : من البكاء { فَهُوَ كَظِيمٌ } يعني : مغموماً ، مكروباً ، يتردد الحزن في جوفه . والكظيم والكاظم بمعنى واحد مثل القدير والقادر . وهو المتمسك على حزنه ، لا يظهره ، ولا يشكوه . وروي عن الحسن أنه قال : مكث يعقوب ثمانين سنة ، ما تجف دموعه ، ولا يفارق قلبه الحزن يوماً ، وما كان على الأرض يومئذٍ أحد أكرم على الله منه . قال : وألقي يوسف في الجب ، وهو يومئذٍ ابن سبع سنين ، وغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعدما جمع الله شمله ثلاثاً وعشرين سنة . وروي عن ابن عباس أنه قال : غاب يوسف عنه اثنين وعشرين سنة . وقال سعيد بن جبير : ما أعطيت أمة من الأمم { الذين إِذَآ أصابتهم مُّصِيبَةٌ قالوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ راجعون } [ البقرة : 156 ] غير هذه الأمة ، ولو كان أوتيها أحد قبلكم لأوتيها يعقوب حين قال : { يا أسفي على يُوسُفَ } وروي عن إبراهيم بن ميسرة أنه قال : لو أن الله أدخلني الجنة ، لعاتبت يوسف بما فعل بأبيه ، حيث لم يكتب إليه ، ولم يعلمه حاله ، ليسكن ما به من الغم .