الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

قوله تعالى : { يَأَسَفَى } : الألف منقلبة عن ياء المتكلم وإنما قُلِبَتْ ألفاً ؛ لأن الصوتَ معها أَتَمُّ ، ونداؤه على سبيل المجاز ، كأنه قال : هذا أوانكَ فاحضر نحو { يحَسْرَتَا } [ الزمر : 56 ] : وقيل : هذه ألفُ الندبة ، وحُذِفَتْ هاءُ السكت وصلاً . قال الزمخشري : " والتجانسُ بين لفظَتَي الأسف ويوسف ممَّا يقع مطبوعاً غيرَ مُتَعَمَّل فَيَمْلُح ويَبْدُع ، ونحوه : { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ } [ التوبة : 38 ] { يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } [ الأنعام : 26 ] { يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ } [ الكهف : 104 ] { مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ } [ النمل : 22 ] . قلت : ويُسَمَّى هذا النوع " تجنيس التصريف ، وهو أن تشترك الكلمتان في لفظٍ ويُفَرَّق بينهما بحرفٍ ليس في الأخرى ، وقد تقدَّم .

وقرأ ابن عباس ومجاهد " مِن الحَزَن " بفتحتين ، وقتادة بضمتين ، والعامَّةُ بضمة وسكون ، فالحُزْن والحَزَن كالعُدْم والعَدَم ، والبُخْل والبَخَل ، وأمَّا الضمتان فالثانية إتباعٌ .

و " كظيم " : يجوز أن يكون مبالغةً بمعنى فاعِل ، وأن يكونَ بمعنى مفعول كقولِه : { وَهُوَ مَكْظُومٌ } [ القلم : 48 ] وبه فسَّره الزمخشري .