الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} (84)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله { يا أسفى على يوسف } قال : يا حزناً .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { يا أسفى على يوسف } قال : يا حزناً على يوسف .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { يا أسفى على يوسف } قال : يا جزعاً .

وأخرج أبو عبيد وابن سعيد وابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن يونس - رضي الله عنه - قال : لما مات سعيد بن الحسن حزن عليه الحسن حزناً شديداً ، فكلم الحسن في ذلك فقال : ما سمعت الله عاب على يعقوب عليه السلام الحزن .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وأبو الشيخ ، عن الحسن - رضي الله عنه - قال : كان منذ خرج يوسف عليه السلام من عند يعقوب عليه السلام إلى يوم رجع ، ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خديه . ولم يزل يبكي حتى ذهب بصره . والله ما على وجه الأرض يومئذ خليقة أكبر على الله من يعقوب .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال : لم يعط أحد الاسترجاع غير هذه الأمة ، ولو أعطيها أحد لأعطيها يعقوب عليه السلام . ألا تستمعون إلى قوله { يا أسفى على يوسف } .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الأحنف بن قيس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن داود قال : يا رب ، إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحق ويعقوب ، فاجعلني لهم رابعاً . فأوحى الله إليه أن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك . وأن إسحق بذل مهجة دمه في سببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وأن يعقوب أخدت منه حبيبه حتى ابيضت عيناه من الحزن فصبر ، وتلك بلية لم تنلك » .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { فهو كظيم } قال : حزين .

وأخرج ابن الأنباري في الوقف ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { فهو كظيم } ما الكظيم ؟ قال : المغموم . قال فيه قيس بن زهير :

فإن أك كاظماً لمصاب شاس *** فإني اليوم منطلق لساني

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { فهو كظيم } قال : كظم الحزن .

وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { فهو كظيم } قال : كظم على الحزن ، فلم يقل إلا خيراً ، أو في لفظ : يردد حزنه في جوفه ولم يتكلم بسوء .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - في قوله { فهو كظيم } قال : فهو مكروب .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { كظيم } قال : مكروب .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن الضحاك رضي الله عنه قال : الكظيم الكمد .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - { فهو كظيم } قال : مكمود .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن ابن زيد رضي الله عنه قال : الكظيم الذي لا يتكلم ، بلغ به الحزن حتى كان لا يكلمهم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ليث بن أبي سليم - رضي الله عنه - أن جبريل عليه السلام ، دخل على يوسف عليه السلام في السجن فعرفه ، فقال له : أيها الملك الكريم على ربه ، هل لك علم بيعقوب ؟ قال نعم . قال : ما فعل ؟ قال : ابيضت عيناه من الحزن عليك . قال : فماذا بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين مثكلة . قال : هل له على ذلك من أجر ؟ قال : نعم . أجر مائة شهيد .

وأخرج ابن جرير من طريق ليث ، عن ثابت البناني - رضي الله عنه - مثله سواء .

وأخرج ابن جرير من طريق ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : حدثت أن جبريل عليه السلام ، دخل على يوسف عليه السلام وهو بمصر في صورة رجل ، فلما رآه يوسف عليه السلام عرفه ، فقام إليه فقال : أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل لك بيعقوب من علم ؟ قال : نعم . قال : فكيف هو ؟ . . . فقال : ذهب بصره . قال : وما الذي أذهب بصره ؟ قال : الحزن عليك . قال : فما أعطي على ذلك ؟ قال : أجر سبعين شهيداً .

وأخرج ابن جرير ، عن عبد الله بن أبي جعفر - رضي الله عنه - قال : دخل جبريل عليه السلام على يوسف عليه السلام في السجن فقال له يوسف : يا جبريل ، ما بلغ من حزن أبي ؟ قال : حزن سبعين ثكلى . قال : فما بلغ أجره من الله ؟ قال : أجر مائة شهيد .

وأخرج ابن أبي شيبة عن خلف بن حوشب مثله .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما أتى جبريل عليه السلام يوسف عليه السلام بالبشرى وهو في السجن قال : هل تعرفني أيها الصديق ؟ قال : أرى صورة طاهرة ، وريحاً طيبة لا تشبه أرواح الخاطئين .

قال : فإني رسول رب العالمين ، وأنا الروح الأمين . قال : فما الذي أدخلك إلى مدخل المذنبين ، وأنت أطيب الطيبين ، ورأس المقربين ، وأمين رب العالمين ؟ ؟ ؟ . . . قال : ألم تعلم يا يوسف ، أن الله يطهر البيوت بمطهر النبيين ؟ وأن الأرض التي تدخلونها هي أطيب الأرضين ؟ وأن الله قد طهر بك السجن وما حوله بأطهر الطاهرين وابن المطهرين ؟ إنما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبائك الصالحين المخلصين . قال : كيف تسميني بأسماء الصديقين وتعدني من المخلصين ، وقد دخلت مدخل المذنبين ، وسميت بالضالين المفسدين ؟ . . . قال : لم يفتن قلبك الحزن ، ولم يدنس حريتك الرق ، ولم تطع سيدتك في معصية ربك ، فلذلك سماك الله بأسماء الصديقين ، وعدّك مع المخلصين ، وألحقك بآبائك الصالحين . قال : هل لك علم بيعقوب ؟ قال : نعم ، وهب الله له الصبر الجميل ، وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم . قال : فما قدر حزنه ؟ قال : سبعين ثكلى . قال : فماذا له من الأجر ؟ قال : قدر مائة شهيد .

وأخرج ابن جرير ، عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل عليه السلام ، يوسف عليه السلام وهو في السجن ، فسلم عليه ، فقال له يوسف : أيها الملك الكريم على ربه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، هل لك علم بيعقوب ؟ قال : نعم ، ما أشد حزنه ! . . قال : ماذا له من الأجر ؟ قال : أجر سبعين ثكلى . قال : أفتراني لاقيه ؟ قال : نعم . فطابت نفس يوسف .

وأخرج ابن جرير ، عن الحسن - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه سئل «ما بلغ وجد يعقوب على ابنه ؟ قال : وجد سبعين ثكلى . قيل فما كان له من الأجر ؟ قال : أجر مائة شهيد ، وما ساء ظنه بالله ساعة من ليل أو نهار » .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن عمرو بن دينار أنه ألقي على يعقوب عليه السلام حزن سبعين مثكل ، ومكث في ذلك الحزن ثمانين عاماً .