قوله تعالى : { يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } ، اختلفوا في الأرض المقدسة ، قال مجاهد : هي الطور وما حولها ، وقال الضحاك : إيليا وبيت المقدس ، وقال عكرمة والسدي : هي أريحاء ، وقال الكلبي : هي دمشق ، وفلسطين ، وبعض الأردن ، وقال قتادة : هي الشام كلها ، قال كعب : وجدت في كتاب الله المنزل ، أن الشام كنز الله من أرضه ، وبها أكثر عباده .
قوله تعالى : { كتب الله لكم } يعني : كتب في اللوح المحفوظ أنها مساكن لكم ، وقال ابن إسحاق : وهب الله لكم ، وقيل : جعلها لكم ، وقال السدي : أمركم الله بدخولها ، وقال قتادة : أمروا بها كما أمر بالصلاة ، أي : فرض عليكم .
قوله تعالى : { ولا ترتدوا على أدباركم } . أعقابكم ، بخلاف أمر الله .
قوله تعالى : { فتنقلبوا خاسرين } ، قال الكلبي : صعد إبراهيم عليه السلام جبل لبنان ، فقيل له : انظر ، فما أدركه بصرك فهو مقدس ، وه ميراث لذريتك .
فذكرهم بالنعم الدينية والدنيوية ، الداعي ذلك لإيمانهم وثباته ، وثباتهم على الجهاد ، وإقدامهم عليه ، ولهذا قال : { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ }
أي : المطهرة { الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } فأخبرهم خبرا تطمئن به أنفسهم ، إن كانوا مؤمنين مصدقين بخبر الله ، وأنه قد كتب الله لهم دخولها ، وانتصارهم على عدوهم . { وَلَا تَرْتَدُّوا } أي : ترجعوا { عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } قد خسرتم دنياكم بما فاتكم من النصر على الأعداء وفتح بلادكم . وآخرتكم بما فاتكم من الثواب ، وما استحققتم -بمعصيتكم- من العقاب ، فقالوا قولا يدل على ضعف قلوبهم ، وخور نفوسهم ، وعدم اهتمامهم بأمر الله ورسوله .
لقد جربهم في مواطن كثيرة طوال الطريق الطويل . . ثم ها هو ذا معهم على أبواب الأرض المقدسة . أرض الميعاد التي من أجلها خرجوا . الأرض التي وعدهم الله أن يكونوا فيها ملوكا ، وأن يبعث من بينهم الأنبياء فيها ليظلوا في رعاية الله وقيادته . .
لقد جربهم فحق له أن يشفق ، وهو يدعوهم دعوته الأخيرة ، فيحشد فيها ألمع الذكريات ، وأكبر البشريات ، وأضخم المشجعات وأشد التحذيرات :
( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ) . .
نعمة الله . ووعده الواقع من أن يجعل فيهم أنبياء ويجعلهم ملوكا . وإيتاءه لهم بهذا وذلك ما لم يؤت أحدا من العالمين حتى ذلك التاريخ . والأرض المقدسة التي هم مقدمون عليها مكتوبة لهم بوعد الله . فهي إذن يقين . . وقد رأوا من قبل كيف صدقهم الله وعده . وهذا وعده الذي هم عليه قادمون . . والارتداد على الأدبار هو الخسران المبين . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.