تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

فقال موسى : { يا قوم } بني إسرائيل ، { ادخلوا الأرض المقدسة } ، يعني المطهرة { التي كتب الله لكم } ، يعني التي أمركم الله عز وجل أن تدخلوها وهي أريحا أرض الأردن وفلسطين ، وهما من الأرض المقدسة ، { ولا ترتدوا على أدباركم } ، يعني ولا ترجعوا ورائكم بترككم الدخول ، { فتنقلبوا خاسرين } ، يعني فترجعوا خاسرين .

وذلك أن الله عز وجل قال لإبراهيم ، عليه السلام ، وهو بالأرض المقدسة : إن هذه الأرض التي أنت بها اليوم هي ميراث لولدك من بعدك ، فلما أخرج الله عز وجل موسى ، عليه السلام ، من مصر مع بني إسرائيل ، وقطعوا البحر ، وأعطوا التوراة ، أمرهم موسى أن يدخلوا الأرض المقدسة ، فساروا حتى نزلوا على نهر الأردن في جبل أريحا ، وكان في أريحا ألف قرية ، في كل قرية ألف بستان ، وجبنوا أن يدخلوها ، فبعث موسى ، عليه السلام ، اثنى عشر رجلا ، من كل سبط رجلا ، يأتونه بخبر الجبارين ، وأمرهم أن يأتوه منها بالثمرة .

فلما أتوها خرج إليهم عوج بن عناق بنت آدم ، فاحتملهم ومتاعهم بيده حتى وضعهم بين يدي الملك بن بانوس سشرون ، فنظر إليهم ، فأمر بقتلهم ، فقالت امرأته : أيها الملك ، أنعم على هؤلاء المساكين ، فدعهم فليرجعوا وليأخذوا طريقا غير الذي جاءوا فيه ، فأرسلهم لها ، فأخوا عنقودا من كرومهم ، وحملوه على عمودين بين رجلين ، وعجزوا عن حمله ، وحملوا رمانتين على بعض دوابهم ، فعجزت الدابة عن حملهما حتى أتوا به أصحابهم وهم بواد يقال له : جبلان ، فسموا ذلك المنزل وادى العنقود .