تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

وقوله تعالى : { يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } قيل : قوله : { كتب الله لكم } أي كتب الله عليكم قتال أهل تلك الأرض ليسلموا ، وهو كقوله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } [ البقرة : 193 والأنفال : 39 ] يعني الكفر . فعلى ذلك قوله تعالى : { ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } قتال أهلها ليسلموا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { لكم } أي عليكم ، وهذا جائز في اللغة كقوله : { وإن أسأتم فلها } [ الإسراء : 7 ] أي فعليها . وقيل : قوله : { ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } فتحها ؛ أي إن أطعتم أمر الله في ما أمركم به ، وانتهيتم عما نهاكم عنه ، وأجبتم رسوله إلى ما دعاكم إليه ؛ أي إذا فعلتم ذلك يفتح الله [ لكم ] تلك الأرض ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا ترتدوا على أدباركم } هذا ، والله أعلم ، كناية عن الرجوع عن الدين وهو كقوله تعالى : { ومن ينقلب عن عقبيه فلن يضر الله شيئا } [ آل عمران : 144 ] وإنما صار ذلك كناية عن الرجوع عن الدين ، والله أعلم ، لما ذكرنا في أحد التأويلين أنه كتب عليهم قتال أهل تلك الأرض ، فتركوا أمر الله وطاعته . ويحتمل أن وعد الله لهم فتح تلك الأرض ، قلم يصدقوا رسوله في ما أخبر عن الله من الفتح لهم ، فكفروا بذلك .

وقوله تعالى : { فتنقلبوا خاسرين } يحتمل أن يكون ذلك لهم في الآخرة ، ويحتمل في الدنيا منهزمين .

وقوله تعالى : { ولا ترتدوا على أدباركم } لا ترجعوا وراءكم ، ولكن ادخلوها .