لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ} (21)

من الفرق بين هذه الأمة وبين بني إسرائيل أنه أباح لهم دخولَ الأرض المقدسة على الخصوص فقال : { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللهُ لَكُمْ } ثم إنهم لم يدخلوها إلا بعد مدة ، وبعد جهد وشدة ، وقال في شأن هذه الأمة{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ }[ الأنبياء : 105 ] فأولئك كتب لهم دخول الأرض كتابةَ تكليف ثم قصروا ، وهذه الأمة كتب لهم جميع الأرض على جهة التشريف ، ثم وصلوا إلى ما كتب لهم وما قصروا .

وقال : { ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } وقال لهذه الأمة :{ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ }[ الملك : 15 ] فهؤلاء ذلَّل لهم وسهَّل عليهم ، وأولئك صعَّب عليهم الوصول إلى ما أمرهم فيما أنزل الله عليهم .

قوله جلّ ذكره : { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ } .

الارتداد على قسمين : عن الشريعة وإقامة العبودية وذلك يوجب عقوبة النفوس بالقتل ، وعن الإرادة وذلك يوجب الشِّقْوَة - التي هي الفراق - على القلوب .