معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ق

مكية وآياتها خمس وأربعون

قوله عز وجل : { ق } قال ابن عباس : هو قسم ، وقيل : هو اسم للسورة ، وقيل : هو اسم من أسماء القرآن . وقال القرظي : هو مفتاح اسمه القدير ، والقادر والقاهر والقريب والقابض . وقال عكرمة والضحاك : هو جبل يحيط بالأرض من زمردة خضراء ، منه خضرة السماء والسماء مقببة عليه ، وعليه كتفاها ، ويقال هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة . وقيل : معناه قضي الأمر ، أو قضي ما هو كائن ، كما قالوا في حم . { والقرآن المجيد } الشريف الكريم على الله ، الكثير الخير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة ق وهي مكية

{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }

يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الوجوه كثير البركات ، جزيل المبرات . والمجد : سعة الأوصاف وعظمتها ، وأحق كلام يوصف بهذا ، هذا القرآن ، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين ، الذي حوى من الفصاحة أكملها ، ومن الألفاظ أجزلها ، ومن المعاني أعمها وأحسنها ، وهذا موجب لكمال اتباعه ، و [ سرعة ] الانقياد له ، وشكر الله على المنة به .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يخطب بهذه السورة في العيد والجمعة ؛ فيجعلها هي موضوع خطبته ومادتها ، في الجماعات الحافلة . . وإن لها لشأنا . .

إنها سورة رهيبة ، شديدة الوقع بحقائقها ، شديدة الإيقاع ببنائها التعبيري ، وصورها وظلالها وجرس فواصلها . تأخذ على النفس أقطارها ، وتلاحقها في خطراتها وحركاتها ، وتتعقبها في سرها وجهرها ، وفي باطنها وظاهرها . تتعقبها برقابة الله ، التي لا تدعها لحظة واحدة من المولد ، إلى الممات ، إلى البعث ، إلى الحشر ، إلى الحساب . وهي رقابة شديدة دقيقة رهيبة . تطبق على هذا المخلوق الإنساني الضعيف إطباقا كاملا شاملا . فهو في القبضة التي لا تغفل عنه أبدا ، ولا تغفل من أمره دقيقا ولا جليلا ، ولا تفارقه كثيرا ولا قليلا . كل نفس معدود . وكل هاجسة معلومة . وكل لفظ مكتوب . وكل حركة محسوبة . والرقابة الكاملة الرهيبة مضروبة على وساوس القلب ، كما هي مضروبة على حركة الجوارح . ولا حجاب ولا ستار دون هذه الرقابة النافذة ، المطلعة على السر والنجوى اطلاعها على العمل والحركة ، في كل وقت وفي كل حال .

وكل هذه حقائق معلومة . ولكنها تعرض في الأسلوب الذي يبديها وكأنها جديدة ، تروع الحس روعة المفاجأة ؛ وتهز النفس هزا ، وترجها رجا ، وتثير فيها رعشة الخوف ، وروعة الإعجاب ، ورجفة الصحو من الغفلة على الأمر المهول الرهيب !

وذلك كله إلى صور الحياة ، وصور الموت ، وصور البلى ، وصور البعث ، وصور الحشر . وإلى إرهاص الساعة في النفس وتوقعها في الحس . وإلى الحقائق الكونية المتجلية في السماء والأرض ، وفي الماء والنبت ، وفي الثمر والطلع . . ( تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ) . .

وإنه ليصعب في مثل هذه السورة التلخيص والتعريف ، وحكاية الحقائق والمعاني والصور والظلال ، في غير أسلوبها القرآني الذي وردت فيه ؛ وفي غير عبارتها القرآنية التي تشع بذاتها تلك الحقائق والمعاني والصور والظلال ، إشعاعا مباشرا للحس والضمير .

فلنأخذ في استعراض السورة بذاتها . . والله المستعان . .

1

وتبدأ السورة بالقسم . القسم بالحرف : ( قاف )وبالقرآن المجيد ، المؤلف من مثل هذا الحرف . بل إنه هو أول حرف في لفظ " قرآن " . .

ولا يذكر المقسم عليه . فهو قسم في ابتداء الكلام ، يوحي بذاته باليقظة والاهتمام . فالأمر جلل ، والله يبدأ الحديث بالقسم ، فهو أمر إذن له خطر . ولعل هذا هو المقصود بهذا الابتداء . إذ يضرب بعده بحرف( بل )عن المقسم عليه - بعد أن أحدث القسم أثره في الحس والقلب - ليبدأ حديثا كأنه جديد عن عجبهم واستنكارهم لما جاءهم به رسولهم في القرآن المجيد من أمر البعث والخروج :