بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ق مكية وهي أربعون وخمس آيات .

قوله تبارك وتعالى : { ق } قال قتادة : هو اسم من أسماء الله تعالى ، كقوله : قادر ، وقاهر . ويقال : هو اسم من أسماء القرآن . وقال مجاهد : هو افتتاح السورة . وقال بعضهم : { ق } يعني : قضي الأمر كما قال في { حم } حم الأمر ، والدليل عليه قول الشاعر :

*** فقلت لها قفي قالت قاف ***

يعني : وقفت فذكر القاف ، وأراد به تمام الكلام . وقال ابن عباس : هو جبل من زمردة خضراء ، محيط بالعالم ، فخضرة السماء منها ، وهي من وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من وراءه ، والحجاب دون { ق } بمسيرة سنة ، وما بينهما ظلمة ، وأطراف السماء ملتصقة بها . ويقال : خضرة السماء من ذلك الجبل . ويقال : { ق } يعني : إن الله عز وجل قائم بالقسط .

ثم قال : { والقرآن المجيد } يعني : الشريف . وقال الضحاك : هو جبل محدق بالدنيا ، من زبرجدة خضراء ، وخضرة السماء منها ، ليس في الأرض بلدة من البلدان ، ولا مدينة من المدائن ، ولا قرية من القرى ، إلا وفيها عرق من عروقها ، وملك موكل عليها ، واضع كفه بها . فإذا أراد الله عز وجل بقوم هلاكهم ، أوحى الله عز وجل إلى ذلك الملك ، فحرك منها عرقاً ، فخسف بهم ، فأقسم الله عز وجل بقاف { ق والقرآن المجيد } يعني : الشريف ، إنكم لمبعوثون يوم القيامة ، لأن أهل مكة أنكروا البعث ، فصار جواب القسم مضمراً فيه ، وهو ما ذكرناه إنكم مبعوثون . ويجوز أن يكون جواب القسم { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كتاب حَفِيظٌ } [ ق : 4 ] فيكون معناه : { ق والقرآن المجيد } لقد علمنا ما تنقص الأرض ، فحذف اللام ، لأن ما قبلها عوض عنها كما قال { قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها } [ الشمس : 9 ] يعني : لقد أفلح . وقال القتبي : هذا من الاختصار ، فكأنه قال : { ق والقرآن المجيد } لتبعثن .