معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأعلى

مكية وآياتها تسع عشرة

{ سبح اسم ربك الأعلى } يعني : قل سبحان ربي الأعلى . وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا عبد الله بن حامد ، أنبأنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى " . وقال قوم : معناه نزه ربك الأعلى عما يصفه به الملحدون ، وجعلوا الاسم صلة . ويحتج بهذا من يجعل الاسم والمسمى واحداً ، لأن أحداً لا يقول : سبحان اسم الله ، وسبحان اسم ربنا ، إنما يقول : سبحان الله وسبحان ربنا ، وكأن معنى سبح اسم ربك : سبح ربك . وقال آخرون : نزه تسمية ربك ، بأن تذكره وأنت له معظم ، ولذكره محترم ، وجعلوا الاسم بمعنى التسمية . وقال ابن عباس : سبح اسم ربك الأعلى ، أي : صل بأمر ربك الأعلى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة سبح وهي مكية

{ 1 - 19 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }

يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته ، والخضوع لجلاله ، والاستكانة لعظمته ، وأن يكون تسبيحا ، يليق بعظمة الله تعالى ، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم{[1406]} الجليل .


[1406]:- في ب: بمعناها العظيم الجليل.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الأعلى

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الأعلى " تسمى –أيضا- بسورة : " سبح اسم ربك الأعلى " ، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ –عندما بلغه أنه يطيل الصلاة وهو يصلي بجماعة : " أفتان أنت يا معاذ ؟ هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى . والشمس وضحاها . والليل إذا يغشى " . .

2- وسورة " الأعلى " من السور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب قراءتها ، لاشتمالها على تنزيه الله –تعالى- ، وعلى الكثير من نعمه ومننه ، فقد أخرج الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة .

وعن النعمان بن بشير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين : [ سبح اسم ربك الأعلى ] و[ قل يا أيها الكافرون ] و[ قل هو الله أحد ]( {[1]} ) .

3- وعدد آياتها تسع عشرة آية . وهي من السور المكية الخالصة . قال الآلوسي : والجمهور على أنها مكية ، وعن بعضهم أنها مدنية .

والدليل على كونها مكية ، ما أخرجه البخاري عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئاننا القرآن ، ثم جاء عمار بن ياسر ، وسعد بن أبي وقاص ، وبلال ، ثم جاء عمر بن الخطب في عشرين ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء ، فما جاء حتى قرأت [ سبح اسم ربك الأعلى ] في سور مثلها . . ( {[2]} ) .

ومما يدل –أيضا- على أن هذه السورة مكية ، بل من أوائل السور المكية ، ما ذكره الإمام السيوطي ، من أن هذه السورة كان ترتيبها في النزول الثامنة من بين السور المكية ، فقد كان نزولها بعد سورة " التكوير " وقبل سورة " الليل " ، بل هناك رواية عن ابن عباس أنها السورة السابعة ، إذ لم يسبقها سوى سورة : العلق ، والمدثر ، والمزمل ، والقلم ، والمسد ، والتكوير . . ( {[3]} ) .

والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : إقامة الأدلة على وحدانية الله –تعالى- وعلى أنه –تعالى- منزه عن كل نقص ، وإبراز جانب عظيم من نعمه التي لا تحصى ، وامتنانه على نبيه صلى الله عليه وسلم بالشريعة السمحة ، وبالقرآن الكريم .

افتتحت السورة الكريمة ، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالمداومة على تنزيه الله - تعالى - عن كل نقص ، ويدخل فى هذا الأمر ، كل من يصلح للخطاب . والاسم لمراد به الجنس ، فيشمل جميع أسمائه - تعالى - .

أى : نزه - أيها الرسول الكريم - أسماء ربك الأعلى عن كل ما لا يليق بها ، فلا تطلقها على غيره - تعالى - إذا كان خاصة به ، كلفظ الجلالة ، وكلفظ الرحمن ، ولا تذكرها فى موضع لا يتناسب مع جلالها وعظمتها ، ولا تحرفها عن المعانى التى وضعت لها كما يفعل الزائغون . فقد قال - تعالى - : { وَللَّهِ الأسمآء الحسنى فادعوه بِهَا وَذَرُواْ الذين يُلْحِدُونَ في أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ونزه ربك الأعلى ، عن الشريك ، وعن الوالد ، وعن الولد ، وعن الشبيه . . وعن كل ما لا يليق به .

قال الجمل : أى : نزه ربك عن كل ما لا يليق به ، فى ذاته ، وصفاته ، وأسمائه ، وأفعاله ، وأحكامه . أما فى ذاته : فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض . وأما فى صفاته : فإن تعتقد أنها لسيت محدثة ولا متناهية ولا ناقصة . وأما فى أفعاله : فأن تعتقد أنه - سبحانه - مطلق لا اعتراض لأحد عليه فى أمر من الأمور . وأما فى أسمائه : فأن لا تذكره - سبحانه - إلا بالأسماء التى لا توهم نقصا بوجه من الوجوه . . وأما فى أحكامه : فإن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود عليه ، بل لمحض المالكية . .

أخرج الإِمام أحمد عن عامر بن عقبة الجهنى قال : " لما نزلت : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوها فى ركوعكم " فلما نزلت : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى } قال : " اجعلوها فى سجودكم " " .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.
[3]:- سورة المائدة: الآيتان 15، 16.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأعلى مكية وأيها تسع عشرة آية .

بسم الله الرحمن الرحيم سبح اسم ربك الأعلى نزه اسمه عن إلحاد فيه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره زاعما أنهما فيه سواء وذكره الأعلى على وجه التعظيم وقرىء سبحان ربي الأعلى وفي الحديث لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال صلى الله عليه وسلم اجعلوها في سجودكم وكانوا يقولون في الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأعلى وهي مكية في قول الجمهور وحكى النقاش عن الضحاك أنها مدنية وذلك ضعيف وإنما دعا إليه قول من قال : إن ذكر صلاة العيد فيها . {[1]}

{ سبح } في هذه الآية ، بمعنى نزه وقدس وقل سبحانه عن النقائص والغير {[11744]}جمعاً وما يقول المشركون ، والاسم الذي هو : ألف ، سين ، ميم ، يأتي في مواضع من الكلام الفصيح يراد به المسمى ، ويأتي في مواضع يراد به التسمية نحو قوله عليه السلام : «إن لله تسعة وتسعين اسماً »{[11745]} وغير ذلك ، ومعنى أريد به المسمى فإنما هو صلة كالزائد كأنه قال في هذه الآية : سبح ربك ، أي نزهه ، وإذا كان الاسم واحداً من الأسماء كزيد وعمرو ، فيجيء في الكلام على ما قلت ، تقول زيد قائد تريد المسمى ، وتقول : زيد ثلاثة أحرف تريد به التسمية ، وهذه الآية تحتمل هذا الوجه الأول ، وتحتمل أن يراد بالاسم التسمية نفسها على معنى نزاه اسم ربك عن أن يسمى به صنم أو وثن ، فيقال له إله ورب ونحو ذلك ، و { الأعلى } يصح أن يكون صفة للاسم ، ويحتمل أن يكون صفة للرب ، وذكر الطبري أن ابن عمر وعلياً قرآ هذه السورة : «سبحان ربي الأعلى » قال وهي في مصحف أبيّ بن كعب كذلك ، وهي قراءة أبي موسى الأشعري وابن الزبير ومالك بن أبي دينار ، وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : «سبحان ربي الأعلى {[11746]} » ، وكان ابن مسعود وابن عامر وابن الزبير يفعلون ذلك ، ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجعلوها في سجودكم »{[11747]} ، وقال قوم : معنى { سبح اسم ربك } نزه اسم ربك تعالى عن أن تذكره إلا وانت خاشع ، وقال ابن عباس معنى الآية : صلّ باسم ربك الأعلى كما تقول ابدأ باسم الله ، وحذف حرف الجر


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11744]:هي أحوال الدهر وأحداثه المتغيرة، قيل: مفرده، غيرة: وقيل بل هو مفرد، وجمعه أغيار.
[11745]:أخرجه البخاري في التوحيد والشروط والدعوات، ومسلم في الذكر، والترمذي في الدعوات وابن ماجه في الدعاء، ولفظه كما في صحيح البخاري: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة)، أحصاها: حفظها.
[11746]:أخرجه أحمد، وأبو داود والبيهقي في سننه، وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرج مثله عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير. (الدر المنثور).
[11747]:أخرجه أحمد وأبو داود، وابن ماجه، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عقبة بن عامر الجهني، ولفظه كما ذكره السيوطي في الدر المنثور: قال: لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال: اجعلوها في سجودكم.