[ سورة { سبح اسم ربك الأعلى } ]{[1]}
الآية 1 : قوله تعالى : { سبح اسم ربك الأعلى } قيل فيه من أوجه :
أحدها : أن سبح ربك ، وقيل : سبح اسمه ، وقيل سبح ربك بأسمائه .
فمن قال : سبح ربك فمعناه : أن نزهه{[23492]} عن جميع المعاني التي يحتملها غيره من الآفات والحاجات والأضداد والأنداد ، فيكون القول به توحيدا . وروي عن مقاتل بن سليمان أنه قال : تأويله : وحد ربك ، والتوحيد ما ذكرنا .
[ والثاني : ما ]{[23493]} قال المفسرون : تأويله : أن صل لربك ، وهذا محتمل لأن الصلاة بنفسها تسبيح [ لأنه ]{[23494]} بالافتتاح يقطع وجوه المعاملات بينه وبين الخلق ، ويمنع نفسه عن حوائجها ، فيجعلها لله تعالى ، وهذا هو التوحيد والإيمان ، لأنه بالإيمان تجعل الأشياء كلها لله تعالى سالمة ، فصارت الصلاة تسبيحا لعينها لا للتسبيح [ المجعول فيها . ومن حمل التسبيح ]{[23495]} على الاسم فقال : نزه اسمه ، فلذلك يرجع إلى الأسماء الذاتية ، وهو ألا يشرك [ غيره بها ]{[23496]} فيسميه بها .
والأسماء الذاتية قوله تعالى : { وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم } [ البقرة : 163 ] وما أشبهه من الأسماء . والأسماء الصفاتية بأن{[23497]} ننزهها عن المعاني التي استوجب الخلق الوصف بها{[23498]} كقولك : عالم ، حكيم ، رحيم ، مجيد .
فمن وصف بالعلم من الخلائق فإنما استوجب الوصف به بأغيار دخلن فيه ، واستوجب الوصف بالحكمة ، والوصف بالمدح بالأغيار ، والله تعالى استحق الوصف به [ بذاته ]{[23499]} لا بالأغيار ، فينصرف التنزيه إلى الأغيار ؛ إذ صفاته ليست{[23500]} بأغيار الذات ، وهي لا تفارق الذات ، فالامتداح [ الواقع بالصفات امتداح ]{[23501]} بالذات الموصوف بها . والله الموفق .
[ الثالث : ما ]{[23502]} قال بعضهم : معناه : سبح بالحمد والثناء ، وهو يرجع إلى ما ذكرنا من التأويل الأول ؛ وهو أن نحمده بالثناء الذي يتضمن التوحيد والتنزيه عن معاني الخلق .
ومن قال : سبح ربك بأسمائه فهذا ظاهر ؛ وهو أن نقول : لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأسماؤه معروفة لا يحتاج إلى إظهارها .
وقوله تعالى : { الأعلى } أي هو أعلى من أن تمسه حاجة أو تلحقه آفة ، وكذلك هذا في الأكبر ، ويكون الأكبر والأعلى في النهاية من تنزيه المعاني التي ذكرنا . وهي كقولك : وهو أحسن وأجمل . فإذا قلت : أحسن وأجمل أردت به النهاية في الحسن والجمال ، أو يكون { الأعلى } بمعنى العلي والأكبر بمعنى الكبير ، وذلك جائز في اللغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.