الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

مكيّة ، وهي : تسع عشرة آية ، واثنانوسبعون كلمة ، ومائتان واحدى وتسعون حرفاً .

أخبرني كامل بن أحمد وسعيد بن محمد بن القاسم قالوا : حدّثنا محمد بن مطر قال : حدّثنا إبراهيم بن شريك قال : حدّثنا أحمد بن يونس قال : حدّثنا سلام بن سليم قال : حدّثنا هارون بن كبير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله من الأجر عشر حسنات ، بعدد كل حرف أنزل الله سبحانه على إبراهيم وموسى ومحمد ) .

وأخبرنا عبدالله بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن عبدالله قال : حدّثنا محمد بن عبدالله قال : حدّثنا عبدالله بن عمر بن أبان قال : حدّثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا قرأ ) سبح اسم ربّك الأعلى ( قال : ( سبحان ربي الأعلى ) ، وكذلك روى عن علي وأبي وموسى وابن عمر وابن عباس وابن الزبير إنهم كانوا يفعلون ذلك ، وروي جويبر عن الضحاك أنه كان يقول ذلك ، وكان يقول من قرأها فليقرأها كذلك ، وروي عن علي بن أبي طالب إنه قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحب هذه السورة ) سبح اسم ربك الأعلى ( وأول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل . قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( يا جبريل أخبرني عن ثواب من قالها في صلوته أو في غير صلوته ) فقال : يا محمد ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده إلاّ كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ، ويقول الله سبحانه وتعالى : صدق عبدي أنا أعلى فوق كل شيء وليس فوقي شيء أشهدوا ملائكتي إنّي غفرت لعبدي وأدخلته جنتي ، فإذا مات زاره ميكائيل كل يوم فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فيوقفه بين يدي الله سبحانه فيقول : يا ربّ شفّعني فيه فيقول : شفّعتك فيه اذهب به إلى الجنة .

وقال عقبة بن عامر : لما نزلت ) فسبح باسم ربّك العظيم ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( اجعلوها في ركوعكم ) فلما نزل ) سبح اسم ربّك الأعلى ( قال ( صلى الله عليه وسلم ) ( اجعلوها في سجودكم ) .

{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } يعني قل : سبحان ربّي الأعلى ، وإلى هذا التأويل ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وقال قوم معناه : نزّه ربّك الأعلى عما يقول فيه الملحدون ويصفه به المبطلون ، وجعلوا الاسم صلة ، ويجوز أن يكون معناه ، نزّه ذات ربّك عما لا يليق به ، لأن الاسم والذات والنفس عبارة عن الوجود والإثبات .

وقال آخرون : نزّه تسمية ربّك وذكرك إياه إن تذكره إلاّ وأنت خاشع معظّم ولذكره محترم ، وجعلوا الاسم بمعنى التسمية ، وقال الفراء : سواء قلت سبح اسم ربّك أو سبح باسم ربّك إذا أردت ذكره وتسبحيه ، وقال ابن عباس : صلِّ بأمر ربّك الأعلى .