التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تتضمن السورة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقديس اسم الله ، وإيذانا له بأن الله مسيره في طريق اليسر ، وأمره بالتذكير وتبشير المستجيبين بالفلاح وإنذار المتمردين بالنار . وأسلوبها يلهم أنها بسبيل عرض عام للدعوة وأهدافها ومهمة النبي صلى الله عليه وسلم . وليس فيها مواقف ومشاهد جدلية ، ولعلها نزلت بعد الفاتحة . أو نزلت قبل نزول ما تضمن حكاية مواقف الكفار وأقوالهم والرد عليهم .

بسم الله الرحمن الرحيم

- التسبيح : التنزيه والتقديس عن كل ما لا يليق .

1

تعليق على وصف { الأعلى }

ولقد استنبط بعض أصحاب المذاهب الكلامية من صوف { الأعلى } الذي وصف به الله عز وجل أنه سبحانه وتعالى في السماء ونقول تعليقاً على ذلك أن الله تعالى منزّّه عن الجسمانية والجهة وأن في القرآن آيات عديدة تذكر أنه في السماء إله وفي الأرض إله وأنه ربّ السماوات وربّ الأرض مثل آيات سورة الزخرف هذه : { سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ( 82 ) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( 83 ) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ( 84 ) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 85 ) } والمتبادر أن وصفه بالأعلى يهدف إلى تقرير وصفه بالعلوّ عن كل شيء الذي يدانيه في عظمته وقوته وتساميه شيء . و لقد روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال : ( لما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوها في سجودكم ){[2406]} فجرى المسلمون من لدن النبي صلى الله عليه وسلم بدون انقطاع على ذكر هذه الصيغة مرات في كل سجدة يسجدونها مما فيه معنى لطيف متصل بالهدف المذكور فيما يتبادر لنا من حيث تضمنه الاعتراف لله بصفة العلوّ عن كل شيء في حالة السجود التي تمثل أروع حالات الخضوع لله عز وجل .

/خ13


[2406]:- أورد الحديث المفسر ابن كثير في سياق هذه السورة وفي سياق سورة الواقعة.