تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الأعلى

أهداف سورة الأعلى

( سورة الأعلى مكية ، وآياتها 19 آية ، نزلت بعد سورة التكوير )

وهي أنشودة سماوية فيها تسبيح بحمد الله ، وبيان دلائل قدرته ، وإثبات الوحي الإلهي ، وتقرير الجزاء في الآخرة . وبيان الوحدة بين الرسالات السماوية ، واشتمال الرسالة المحمدية على اليسر والسماحة ، وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ووراءها مجالات بعيدة المدى .

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية ، وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهماi .

وفي رواية للإمام أحمد ، عن الإمام علي رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة : سبّح اسم ربك الأعلىii .

مع آيات السورة

1-5- سبّح اسم ربك الأعلى* الذي خلق فسوّى* والذي قدّر فهدى* والذي أخرج المرعى* فجعله غثاء أحوى .

التسبيح هو التمجيد والتنزيه ، واستحضار معاني الصفات الحسنى لله ، والحياة بين إشاعاتها وفيوضاتها ، وإشراقاتها ومذاقاتها الوجدانية بالقلب والشعور .

يقول الإمام محمد عبده : واسم الله هو ما يمكن لأذهاننا أن تتوجه إليه به ، والله يأمرنا بتسبيح هذا الإسم ، أي تنزيهه عن أن يكون فيه ما لا يليق به من شبه المخلوقات أو ظهوره في واحد منها بعينه ، أو اتخاذه شريكا أو ولدا أو ما ينحو هذا النحو ، فلا نوجه عقولنا إليه إلا بأنه خالق كل شيء ، المحيط علمه بدقائق الموجوداتiii .

والخطاب في السورة موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه من التلطف والإيناس ما يجلّ عن التعبير ، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينفذ هذا الأمر فور صدوره .

وحينما نزل قوله تعالى : فسبّح باسم ربك العظيم . ( الواقعة : 74 ) . قال صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوها في ركوعكم ) ، أي قولوا في الركوع : سبحان الله العظيم ، ولما نزل قوله تعالى : سبّح اسم ربك الأعلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعلوها في سجودكم )iv ، أي قولوا في السجود ، سبحان ربي الأعلى .

الذي خلق فسوّى . الذي خلق كل شيء فسواه وأكمل صنعته ، وبلغ به غاية الكمال الذي يناسبه بلا تفاوت ولا اضطراب ، كما تراه يظهر لك في خلق السماوات والأرض .

والذي قدّر فهدى . أي : قدر لكل حي ما يصلحه مدة بقائه ، وهداه إليه وعرّفه وجه الانتفاع بما فيه منفعة له ، ووجه الهرب مما يخشى غائلته .

( وكل شيء في الوجود سويّ في صنعته ، كامل في خلقته ، معه لأداء وظيفته ، مقدر له غاية وجوده ، وهو ميسر لتحقيق هذه الغاية من أيسر طريق ، وجميع الأشياء مجتمعة كاملة التنسيق ميسرة ، لكي تؤدي في تجمعها دورها الجماعي ، مثلما هي ميسرة فرادى لكي تؤدي دورها الفردي )v .

جاء في كتاب ( العلم يدعو إلى الإيمان ) ما يأتي :

إن الطيور لها غريزة العودة إلى الوطن ، فعصفور الهزار الذي عشش ببابك جنوبا في الخريف ، ولكنه يعود إلى عشه في الربيع التالي ، وفي شهر سبتمبر تطير أسراب من معظم الطيور إلى الجنوب ، وقد تقطع في الغالب نحو ألف ميل فوق أرض البحار ، ولكنها لا تضل طريقها ، والنحلة تجد خليتها مهما طمست الريح في هبوبها على الأعشاب والأشجار كل دليل يرى ، وأنت إذا تركت حصانك العجوز وحده فإنه يلزم الطريق مهما اشتدت ظلمة الليل ، وهو يقدر أن يرى ولو في غير وضوح ، والبومة تستطيع أن ترى الفأر الدافئ اللطيف وهو يجري على العشب البارد مهما كانت ظلمة الليل ، ونحن نقلب الليل نهارا بإحداث إشعاع في تلك المجموعة التي نسميها الضوء .

( والكلب بما أوتي من أنف فضولي ، يستطيع أن يحس الحيوان الذي مر ) . vi .

وسمك ( السلمون ) يمضي سنوات في البحر ، ثم يعود إلى نهره الخاص به ، والأكثر من ذلك أنه يصعد إلى جانب النهر الذي يصب عنده النهير الذي ولد فيه . . فما الذي يجعل السمك يرجع إلى مكان مولده بهذا التحديد ؟

إنه الله : الذي خلق فسوّى* والذي قدّر فهدى .

وقد سجل البشر كثيرا من إبداع الخلقة ، في عوالم النبات والحشرات والطيور والحيوان ، في هذا الوجود المشهود الذي لا نعرف عنه إلا أقل القليل ، ووراءه عالم الغيب بما فيه من كمال وجلال ، فسبحان الله الخلاّق العظيم .

والذي أخرج المرعى . والمرعى كل نبات ، وما من نبات إلا وهو صالح لخلق من خلق الله ، فهو هنا أشمل مما نعهده من مرعى أنعامنا ، فالله خلق هذه الأرض ، وقدّر فيها أقواتها لكل حيّ يدب فوق ظهرها أو يختبئ في جوفها ، أو يطير في جوها ، والنبات يتحايل على استخدام وكلاء لمواصلة وجوده ، دون رغبة من جانبهم ، كالحشرات التي تحمل اللقح من زهرة إلى أخرى ، والرياح ، وكل شيء يطير أو يمشي ، ليوزع بدوره .

فجعله غثاء أحوى . والغثاء : الهشيم ، أو الهالك البالي ، والأحوى : الذي يميل لونه إلى السواد ، فهو سبحانه قد أحكم كل شيء خلقه ، ما يبقى وما يفنى .

( فنحن مأمورون أن نعرف الله جل شأنه ، بأنه القادر العالم الحكيم ، الذي شهدت بصفاته هذه آثاره في خلقه ، التي ذكرها في وصف نفسه في قوله : الذي خلق فسوّى . . . إلخ . وألا ندخل في هذه الصفات معنى مما لا يليق به ، كما أدخل الملحدون الذين اتخذوا من دونه شكاء أو عرّفوه بما يشبه خلقه ، وإنما توجه إلينا الأمر بتسبيح الاسم دون تسبيح الذات ، ليرشدنا إلى أن مبلغ جهدنا ، ومنتهى ما تصل إليه عقولنا ، أن نعرف الصفات بما يدل عليها ، أما الذات فهي أعلى وأرفع من أن تتوجه عقولنا إليها إلا بما نلحظ من هذه الصفات التي تقوم عليها الدلائل ، وترشد إليها الآيات ، لهذه أمرنا ، بتسبيح اسمه تكليفا لنا بما يسعه طوقنا ، والله أعلم )vii .

6 ، 7- سنقرئك فلا تنسى* إلا ما شاء الله . . .

سننزل عليك كتابا تقرؤه ، ولا تنسى منه شيئا بعد نزوله عليك .

وهي بشرى للنبي صلى الله عليه وسلم ، تريحه وتطمئنه على هذا القرآن العظيم الجميل الحبيب إلى قلبه ، الذي كان يندفع بعاطفة الحب له ، وبشعور الحرص عليه ، وبإحساس التبعة العظمى فيه ، إلى ترديده آية آية وراء جبريل ، وتحريك لسانه به خيفة أن ينسى حرفا منه ، حتى جاءته هذه البشائر المطمئنة بأن ربه سيتكفل بهذا الأمر عنه .

إلا ما شاء الله . . . أن تنساه بنسخ تلاوته وحكمه ، أما ما لا ينسخ فإنه محفوظ في قلبك .

إنه يعلم الجهر وما يخفى . وكأن هذا تعليل لما مرّ في هذا المقطع من الإقرار والحفظ والاستثناء ، فكلها ترجع إلى حكمة يعلمها من يعلم الجهر وما يخفى ، ويطلع على الأمر من جوانبه جميعا ، فيقرر فيه ما تقتضيه حكمته المستندة على علمه بأطراف الأمر جميعا .

8- ونيسّرك لليسرى . أي نوافقك للشريعة السمحة التي يسهل على النفوس قبولها ، ولا يصعب على العقول فهمها .

يسر الشريعة الإسلامية

يسّر الله القرآن للقراءة وللعمل بأحكامه ، ويسّر الشريعة ، ويسّر الأحكام وجعلها في طاقة الناس ، ولا حرج فيها ولا عنت ، قال تعالى : ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر . ( القمر : 22 ) .

وقال سبحانه : وما جعل عليكم في الدّين من حرج . . . ( الحج : 78 ) .

وقال تعالى : ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهّركم . . . ( المائدة : 6 ) .

وقال تعالى : لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . . . ( البقرة : 286 ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم سهلا سمحا مؤلّفا محببا ، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فكان أبعد الناس عنه ، وكان سلوك النبي صلى الله عليه وسلم وهديه يعبر عن اختيار اليسر ، وقلة التكلف في اللباس والطعام والفراش وكل أمور الحياة ، فكان يلبس لكل موطن ما يناسبه ، فلبس العمامة والقلنسوة في السلم ، ولبس المغفر وغطى رأسه ووجهه بحلقات الحديد في الحرب .

جاء في ( زاد المعاد ) لشمس الدين أبى عبد الله محمد بن قيم الجوزية عن هديه صلى الله عليه وسلم في ملابسه والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنّها وأمر بها ورغ فيها وداوم عليها ، وهي أن هديه في اللباس أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة ، والقطن تارة ، والكتان تارة ، ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ، ولبس الجبة والقباء ، والقميص والسراويل ، والإزار والرداء ، والخف والنعل ، وأرخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة . . .

وقال عن هديه في نومه وانتباهه : كان ينام على فراشه تارة ، وعلى النطع تارة ، وعلى الحصير تارة ، وعلى الأرض تارة ، وعلى السرير تارة بين رماله ، وتارة على كساء أسود .

وقال في هديه في الطعام : وكذلك كان هديه صلى الله عليه وسلم وسيرته في الطعام ، لا يردّ موجودا ، ولا يتكلف مفقودا ، فما قرب إليه شيء من الطيبات إلا أكله ، وما عاب طعاما قط ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه .

فقد أكل الحلوى والعسل –وكان يحبهما- وأكل الرطب والتمر ، وأكل الثريد بالسمن ، وأكل الجبن ، وأكل الخبز بالزيت ، وأكل البطيخ بالرطب ، وأكل التمر بالزبد -وكان يحبه- ولم يكن يردّ طيبا ولا يتكلفه ، بل كان هديه أكل ما تيسر ، فإن أعوزه صبر . . .

والأحاديث النبوية التي تحض على اليسر والسماحة ، والرفق في تناول الأمور كثيرة جدا يصعب تقصيها ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه )viii . أخرجه البخاري .

( لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم )ix . أخرجه أبو داود .

( إذ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، فإن المنبتx لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى )xi . أخرجه البخاري .

وفي التعامل يقول صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى )xii . أخرجه البخاري .

( المؤمن يألف ويؤلف )xiii . أخرجه الدارقطني .

( إن أبغض الرجال إلى الله الألدxiv الخصمxv . أخرجه الشيخان .

وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها صفحات من السماحة واليسر ، والهوادة واللين ، والتوفيق إلى اليسر في تناول الأمور جميعا .

اختلف معه أعرابي ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي إلى بيته وزاده في العطاء حتى رضى ، وأعلن عن رضاه أمام الصحابة أجمعين .

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كريم النفس ، ميسرا لحمل الرسالة في أمانة ويسر ، ومودة ورحمة ، وعطف على الناس وحكمة .

قال تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين . ( الأنبياء : 107 ) .

قوال سبحانه : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . ( التوبة : 128 ) .

وكان صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة ، فقد حارب لصد العدوان ، وتبليغ الدعوة ، ومنع الاضطهاد والفتنة عن الضعفاء والمستضعفين ، ومع ذلك كان آية في الإنسانية فكان ينهى عن قتل النساء والأطفال ، وينهى عن الغدر والخيانة ، ويحث على الوفاء بالعهد في السلم والحرب ، ولا عجب فقد جمع المكارم والمحامد ، وصدق الله العظيم : وإنك لعلى خلق عظيم . ( القلم : 4 ) .

9- فذكّر إن نفعت الذكرى . لقد يسره الله لليسرى ، لينهض بالأمانة الكبرى ، وليذكر الناس ، فلهذا أعد ولهذا بشر ، فذكّر حيثما وجدت فرصة للتذكير ، ومنفذا للقلوب ، ووسيلة للبلاغ .

قال النيسابوري في تفسير الآية :

إن تذكير العالم واجب في أول الأمر ، وأما التكرير فالضابط فيه هو العرف ، فلعله إنما يجب عند رجاء حصول المقصود ، فلهذا أردفه بالشرط حيث قال : فذكّر إن نفعت الذكرى . xvi .

وقال الإمام محمد عبده : وليس الشرط قيدا في الأمر ، فقد أجمع أهل الدين –سلفهم وخلفهم- على أن الأمر بالتذكير عام ، نفعت الذكرى ، أم لم تنفع ، وعمله صلى الله عليه وسلم شاهد على ذلكxvii .

10- سيذّكّر من يخشى . ذلك الذي يستشعر قلبه التقوى فيخشى غضب الله وعذابه ، فإذا ذكّر ذكر ، وإذا بصّر أبصر ، وإذا وعظ اعتبر .

11 ، 13- ويتجنّبها الأشقى* الذي يصلى النار الكبرى* ثم لا يموت فيها ولا يحيى .

أي : ويبتعد عن هذه التذكرة المعاند المصر على الجحود عنادا واستكبارا ، حتى مات قلبه وشقيت روحه ، فسيلقى النار الكبرى ، وهي نار جهنم ، وهي كبرى بالنسبة إلى نار الدنيا ، أي هي كبرى لشدتها ومدتها وضخامتها ، حيث يمتد بقاؤه فيها ، فلا هو ميت يجد طعم الراحة ، ولا هو حي فيحيا حياة السعادة ، تقول العرب لمن ابتلى بمرض أقعده : ( لا هو حي فيرجى ، ولا ميت فينعى ) .

14 ، 15- قد أفلح من تزكّى* وذكر اسم ربه فصلّى . قد أدرك الفلاح من تطهر من كل رجس ودنس ، وأيقن بالحق وسعد بالإيمان ، فهو في فلاح وسعادة بذكره اسم الله ، وبصلاته وخشوعه لله ، واعتماده عليه ، فهو في فلاح في الدنيا لأنه عاش موصولا بالله ، مؤديا للصلاة ، مراقبا مولاه ، وهو في فلاح في الآخرة بنجاته من النار الكبرى ، وفوزه بالنعيم والرضا .

16 ، 17- بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى . بل أنتم –لقصر أنظاركم- تؤثرون الفانية على الباقية ، والحال أن الآخرة أفضل من الدنيا في نوعها ، وأبقى في أمدها ، ولو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى ، لوجب إيثار ما يبقى على ما يفنى ، فكيف الحال والدنيا من خزف يفنى ، والآخرة من ذهب يبقى ؟ !

18 ، 19- إن هذا لفي الصّحف الأولى* صحف إبراهيم وموسى . أصول هذه الشريعة العادلة ، وقواعد المؤاخذة والحساب ، وما ورد في هذه السورة من أصول العقيدة الكبرى ، هو الذي في الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى ، فدين الله واحد ، وإنما تتعدد صوره ومظاهره .

وقصارى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا مذكرا بما نسيته الأجيال من شرائع المرسلين ، وداعيا إلى وجهها الصحيح ، الذي أفسده كر الغداة ومر العشى ، كما طمس معالمه اتباع الأهواء ، واقتفاء سنن الآباء والأجداد .

مقاصد سورة الأعلى

1- تسبيح الله وتنزيهه وبيان قدرته .

2- وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن وعدم نسيانه .

3- وعده صلى الله عليه وسلم بالتوفيق إلى الطريقة السهلة الميسرة في الدعوة .

4- تكليفه صلى الله عليه وسلم أن يذكر الناس .

5- الناس صنفان أمام الدعوة :

( أ ) مستجيب ناج . *** ( ب ) معرض هالك .

6- قواعد العدل وأصول الشريعة متشابهة في القرآن وفي الكتب السماوية السابقة .

تنزيه الله تعالى وقدرته وفضله

بسم الله الرحمان الرحيم

{ سبّح اسم ربك الأعلى 1 الذي خلق فسوّى 2 والذي قدّر فهدى 3 والذي أخرج المرعى 4 فجعله غثاء أحوى 5 سنقرئك فلا تنسى 6 إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى 7 ونيسّرك لليسرى 8 }

المفردات :

سبح اسم ربك : نزّهه ومجّده تعالى عما لا يليق به .

التفسير :

1- سبّح اسم ربك الأعلى .

نزّه ربك الأعلى عما لا يليق به من الأوصاف ، في ذاته وأفعاله وأسمائه ، فالله تعالى متصف بكل كمال ، منزّه عن كل نقص ، منزه عن الشريك والمثيل والنظير : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . ( الشورى : 11 ) .

هو سبحانه أول بلا بداية ، وآخر بلا نهاية ، وظاهر في آثار قدرته ، وخلق الكون ، وتسخير الشمس والقمر ، والليل والنهار ، وهو باطن فلا تدركه العيون ، ولا تحويه الظنون .

قال تعالى : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير . ( الأنعام : 103 ) .

إنها نعمة كبرى أن يسمح الإله الأعلى للعبد الفاني بالصلاة وبذكر الله ، حيث يذكر الله من ذكره ، ويتفضل الله على العابدين والذاكرين والمتبتلين ، بفضله وحنانه وبرّه وإنعامه ومودته : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودّا . ( مريم : 96 ) .