غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الأعلى وهي مكية حروفها مائتان واحد وتسعون كلمها اثنتان وسبعون آياتها تسع عشرة ) .

1

التفسير : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة . وأكثر السلف كانوا يواظبون على قراءتها في التهجد ويتعرفون بركتها . وعن عقبة بن عامر أنه قال : " لما نزل قوله { فسبح باسم ربك العظيم } [ الواقعة :74 ] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوها في ركوعكم . ولما نزل قوله { سبح اسم ربك الأعلى } قال : اجعلوها في سجودكم " ومن الناس من تمسك بالآية في أن الاسم نفس المسمى لأن التسبيح أي التنزيه إنما يكون للمسمى لا للاسم . وأجاب المحققون عنه بأن الاسم صلة كقوله : " ثم اسم السلام عليكما " . سلمنا أنه غير صلة ولكن تسبيح اسمه تنزيهه عما لا يليق معناه بذاته تعالى أو صفاته أو بأفعاله أو بأحكامه ، فإن العقائد الباطلة والمذاهب الفاسدة لم تنشأ إلا من هذه ، ومن جملة ذلك أن يصان اسمه عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم ، وأن لا يسمى غيره بأسمائه الحسنى ، وأن لا يطلق عليه من الأسامي إلا ما ورد به الإذن الشرعي . قال بعض العلماء : لعل الذين نقل عنهم أن الاسم نفس المسمى أرادوا به أن الاسم الذي حدّوه بأنه ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمان هو نفس مدلول هذا الحد . قال الفراء : لا فرق بين { سبح اسم ربك } وبين " سبح باسم ربك " . واعترض عليه بأن الفرق هو أن الأول معناه نزه الاسم من السوء ، والثاني معناه سبح الله أي نزهه بسبب ذكر أسمائه العظام ، أو متلبساً بذكره إلا أن تجعل الباء صلة في الثاني نحو { ولا تلقوا بأيديكم } [ البقرة :195 ] أو مضمرة في الأول مثل { واختار موسى قومه } [ الأعراف :155 ] أي من قومه . نعم لو زعم الفراء أن المعنيين متلازمان جاز . ومن الملاحدة من طعن في القرآن بأن يقتضي أن يكون للعالم ربان أحدهما عظيم وهو في قوله { فسبح باسم ربك العظيم } [ الواقعة :96 ] والآخر أعلى منه وهو { سبح اسم ربك الأعلى } والجواب أنه عظيم في نفسه وأعلى وأجل من جميع الممكنات ، والصفة كاشفة لا مميزة ونظيره وصفه بالكبير تارة وبالأكبر أخرى . والمراد بالعظم والعلو عظم الشرف وعلو القدر فلا استدلال فيه للمشبهة .

/خ19