الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأعلى {[1]} مكية {[2]}

قوله تعالى : ( سبح اسم ربك الاعلى ) إلى آخرها .

أي/ عظم يا محمد اسم ربك . وقيل : معناه عظم ربك الأعلى {[75025]} . وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال : سبحان ربي الأعلى {[75026]} . وقد رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم {[75027]} .

وكذلك روى السدي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه {[75028]} .

وقيل معناه : نزه يا محمد ربك أن تسمي به شيئا سواه كما فعل المشركون من تسميتم آلهتهم باللات والعزى, جعلوا العزى مشتقة من العزيز واللات من الله {[75029]} .

وقيل : معناه : نزهه {[75030]} عما يقول فيه {[75031]} المشركون كما قال : ( ولا تسبوا الذين يشعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) {[75032]} .

وقيل معناه : نزه –يا محمد- تسميتك {[75033]} ربك الأعلى ، وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاضع متذلل {[75034]} . قالوا : فالاسم هنا موضوع {[75035]} في موضع التسمية . فوضع الاسم مكان المصدر {[75036]} .

وقيل معناه : [ صل ] {[75037]} بذكر ربك الأعلى ، أي صل [ وأنت له ذاكر ] {[75038]} .

وقي معناه : صل {[75039]} يا محمد لربك {[75040]} .

وقيل معناه : عظم اسم ربك ونزهه عن أن تنسبه إلى ما نسبه إليه المشركون {[75041]} .

وهذا مما يدل على أن الاسم هو المسمى ، لأن معناه سبح الله ، وليس يجوز " سبحان " اسم الله ، ولا سبحان اسم الرب ، فدل {[75042]} على أن معنى ( سبح اسم ربك ) سبح ربك {[75043]} .

وقوله ( الأعلى ) أي : القاهر لك شيء العالي عليه .

قال عقبة بن عامر : لما نزلت : ( سبح اسم ربك الاعلى ) قال لنا رسول صلى الله عليه وسلم : ط اجعلوها في سجودكم " . ولما {[75044]} نزلت ( فسبح باسم ربك العظيم ) {[75045]} قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوها في ركوعكم " {[75046]} .

قال الفراء : سبح اسم ربك " وسبح باسم ربك ) كل صواب {[75047]} . كأنه جعله مما يتعدى بحرف ويغير حرف ، ككلتك وكلت لك ، ولا يحسن أن تقدره {[75048]} ما يتعدى بحرف ثم حذفه إذ لا يجوز : مررت زيدا {[75049]} ( على مررت بزيد ) إلا في شعر شاذ . وهذا مما يستدل به على أن الاسم هو المسمى ، لأنه تعالى لم يأمر نبيه أن يعبد {[75050]} ( ويسبح ) {[75051]} ويصلي لغيره .

فمعنى : ( سبح اسم ربك ) {[75052]} : [ سبح ربك ] ، فلاسم هو المسمى ، ولو كان غيره لكانت العبادة لغير الرب [ سبحانه ] {[75053]} ، والتسبيح لغيره- [ جلت عظمته ] {[75054]} وليس يريد بالاسم ها هنا التسمية ، لأنه لا اختلاف [ في ] {[75055]} أن التسمية غير/ المسمى ، وهذا باب يحتاج إلى بيان وشرح .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[75025]:هو قول ابن عباس والسدي في تفسير الماوردي 4/437.
[75026]:أخرجه الطبري في جامع البيان 30/151 عن ابن عباس وابن عمر.
[75027]:أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، ح: 883 وأحمد في المسند 1/232. وانظر: جامع البيان 30/152 وتفسير ابن كثير 4/533.
[75028]:انظر: جامع البيان 30/151.
[75029]:حكاه الطبري في جامع البيان 30/152.
[75030]:أ: نزه ربك.
[75031]:ث: به.
[75032]:الأنعام: 108.
[75033]:أ: بتسميتك.
[75034]:انظر: جامع البيان 30/152.
[75035]:أ: وقع.
[75036]:انظر: المصدر السابق.
[75037]:م: مد.
[75038]:م: وأنه له ذاكر، ث: واتله ذاكراً، وهذا قول حكاه الطبري في جامع البيان 30/152 والماوردي في تفسيره 4/437.
[75039]:ث: صلي.
[75040]:هو قول الحسن في تفسير القرطبي 20/15.
[75041]:حكاه النحاس في إعرابه 5/203.
[75042]:أ: يدل.
[75043]:انظر: المصدر السابق.
[75044]:أ: فلما.
[75045]:والحاقة: 52.
[75046]:أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه ح: 869، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب التسبيح في الركوع والسجود: 888، وانظر: مصابيح السنة 1/339 والدر 8/481 ونيل الأوطار 2/274.
[75047]:انظر: معاني الفراء 3/256.
[75048]:أ: يقدره. ث: تقديره.
[75049]:ساقط من أ.
[75050]:أ: يعبده.
[75051]:ساقط من أ.
[75052]:ساقط من م، ث.
[75053]:زيادة من "أ" مناسبة للمقدام.
[75054]:ساقط من م، ث.
[75055]:زيادة من أ.