معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

قوله تعالى : { يوم هم بارزون } خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء { لا يخفى على الله منهم } من أعمالهم وأحوالهم { شيء } ويقول الله تعالى في ذلك اليوم بعد فناء الخلق : { لمن الملك اليوم } فلا أحد يجيبه ، فيجيب نفسه فيقول : { لله الواحد القهار } ، الذي قهر الخلق بالموت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ } أي : ظاهرون على الأرض ، قد اجتمعوا في صعيد واحد لا عوج ولا أمت فيه ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر .

{ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } لا من ذواتهم ولا من أعمالهم ، ولا من جزاء تلك الأعمال .

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي : من هو المالك لذلك اليوم العظيم الجامع للأولين والآخرين ، أهل السماوات وأهل الأرض ، الذي انقطعت فيه الشركة في الملك ، وتقطعت الأسباب ، ولم يبق إلا الأعمال الصالحة أو السيئة ؟ الملك { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي : المنفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، فلا شريك له في شيء منها بوجه من الوجوه . { الْقَهَّارِ } لجميع المخلوقات ، الذي دانت له المخلوقات وذلت وخضعت ، خصوصًا في ذلك اليوم الذي عنت فيه الوجوه للحي القيوم ، يومئذ لا تَكَلَّمُ نفس إلا بإذنه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

ثم صور - سبحانه - أحوال الناس فى هذا اليوم العصيب ، فقال : { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ . . . }

وهذه الجملة الكريمة بدل من قوله { يَوْمَ التلاق } أى : يلقى - سبحانه - على من يشاء من عباده ، لكى ينذر الناس من أهوال ذلك اليوم الذى يتلقى فيه الخلائق ، والذى يظهرون فيه ظهورا تاما ، دون أن يخفى منهم شئ على الله - تعالى - .

والله - تعالى - لا يخفى عليه شئ من أمرهم لا فى هذا اليوم ولا فى غيره ، ولكنه - سبحانه - ذكر بروزهم وعدم خفائهم عليه فى هذا اليوم ، لأنهم - لجهلهم - كانوا يتوهمون فى الدنيا أنهم يستطيعون التستر عنه ، كما أشار - سبحانه - إلى ذلك فى قوله - تعالى -

{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } ورحم الله صاحب الشكاف : فقد قال : قوله : { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ } أى : ظاهرون لا يسترهم شئ من جبل أو أكمة أو بناء ، لأن الأرض بارزة قاع صفصف ، ولا عليهم ثياب ، إنما هم عراة مكشوفون ، كما جاء فى الحديث : " يحشرون عراة حفاة غرلا " { لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ } بيان وتقرير لبروزهم ، والله - تعالى - لا يخفى عليه منهم شئ برزوا أم لم يبرزوا ، فما معناه ؟

قلت : معناه أنهم كانوا يتوهمون فى الدنيا أنهم إذا استتروا بالحيطان والحجب ، أن الله لا يراهم وتخفى عليه أعمالهم ، فهم اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه قال - تعالى - : { ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ . . } وقوله - تعالى - : { لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار } السائل والمجيب هو الله - تعالى - .

أى : ينادى الله - تعالى - فى المخلوقات فى ذلك اليوم ، لمن الملك فى هذا اليوم الهائل الشديد ؟ ثم يجيب - سبحانه - على هذا السؤال بقوله : { لِلَّهِ الواحد القهار } .

قال القرطبى ما ملخصه : قال الحسن : هو السائل - تعالى - وهو المجيب ، لأنه يقول ذلك حين لا أحد يجيبه ، فيجيب نفسه سبحانه فيقول : { لِلَّهِ الواحد القهار } .

فيقول المؤمنون هذا الجواب سرورا وتلذذا ، ويقوله الكافرون غما وانقيادا وخضوعا .

ثم قال : والقول الأول ظاهر جدا ، لأن المقصود إظهار انفراده - تعالى - بالملك عند انقطاع دعاوى المدعين ، وانتساب المنتسبين ، إذ قد ذهب كل ملك وملكه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ هُم بَٰرِزُونَۖ لَا يَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَيۡءٞۚ لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (16)

{ يوم هم بارزون } خارجون من قبورهم أو ظاهرون لا يسترهم شيء أو ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشي الأبدان ، أو أعمالهم وسرائرهم . { لا يخفى على الله منهم شيء } من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم ، وهو تقرير لقوله { هم بارزون } وإزاحة لنحو ما يتوهم في الدنيا . { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } حكاية لما يسأل عنه في ذلك اليوم ولما يجاب به ، أو لما دل عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط ، وأما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما .