{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ } أي خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء ، لكون الأرض يومئذ قاعا صفصفا ، ولا ثياب عليهم وإنما هم عراة مكشوفون ، كما في الحديث : ( يحشرون عراة حفاة غرلا ) ، وهو بدل من يوم التلاق ، بدل كل من كل ، ويوم ظرف مستقبل كإذا مضاف إلى الجملة الاسمية على طريقة الأخفش ، وحركة يوم حركة إعراب على المشهور وقيل حركة بناء كما ذهب إليه الكوفيون ، ويكتب هنا وفي الذاريات في قوله تعالى : { يوم هم على النار يفتنون } منفصلا وهو الأصل أفاده السمين ، ونحوه في شرح الجزرية لشيخ الإسلام ، لأن { هم } مرفوع بالابتداء فالمناسب القطع ، وما عداهما نحو " من يومهم الذي يوعدون " ، " حتى يلاقوا يومهم " ، موصول لأن هم فيهما ضمير مبني في محل جر ، فالمناسب الوصل .
وجملة : { لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } مستأنفة مبنية لبروزهم ، أي لا يخفى عليه سبحانه شيء من ذواتهم وأحوالهم وأعمالهم التي عملوها في الدنيا أو حال من ضمير بارزون ، أو خبر ثان للمبتدأ وقوله { لِمَنِ } خبر مقدم ، وقوله : { الْمُلْكُ الْيَوْمَ } مبتدأ مؤخر ، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل فماذا يقال عند بروز الخلائق في ذلك اليوم ؟ فقيل يقال لمن الملك اليوم .
قال المفسرون إذا هلك كل من في السماوات والأرض ، فيقول الرب تبارك وتعالى هذا القول ، فلا يجيبه أحد فيجيب تعالى نفسه فيقول : { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } خبر مبتدأ محذوف قال الحسن : هو السائل وهو المجيب ، حين لا أحد يجيبه فيجيب نفسه . وقيل إنه سبحانه يأمر مناديا بذلك فيقول أهل المحشر مؤمنهم وكافرهم { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } .
قال النحاس : وهذا أصح ما قيل فيه وقيل : الأول ظاهر جدا ، وقيل إنه يجيب المنادي بهذا الجواب أهل الجنة دون أهل النار أفاده الزمخشري . وقيل : هو حكاية لما ينطق به لسان الحال في ذلك اليوم لانقطاع دعاوى المبطلين ، كما في قوله : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } وقال القرطبي : وذلك عند فناء الخلق ، وقيل : بقوله تعالى بين النفختين ، ويجيب نفسه بعد أربعين سنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.