معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

قوله تعالى : { ثم أنزل الله } بعد الهزيمة ، " سكينته " ، يعني : الأمنة والطمأنينة ، وهي فعيلة من السكون على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها " ، يعني : الملائكة . قيل : لا للقتال ، ولكن لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين ، لأنه يروى : أن الملائكة لم يقاتلوا إلا يوم بدر ،

قوله تعالى : { وعذب الذين كفروا } ، بالقتل والأسر وسبي العيال وسلب الأموال .

قوله تعالى : { وذلك جزاء الكافرين }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

{ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } والسكينة ما يجعله اللّه في القلوب وقت القلاقل والزلازل والمفظعات ، مما يثبتها ، ويسكنها ويجعلها مطمئنة ، وهي من نعم اللّه العظيمة على العباد .

{ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } وهم الملائكة ، أنزلهم اللّه معونة للمسلمين يوم حنين ، يثبتونهم ، ويبشرونهم بالنصر .

{ وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالهزيمة والقتل ، واستيلاء المسلمين على نسائهم وأولادهم وأموالهم .

{ وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } يعذبهم اللّه في الدنيا ، ثم يردهم في الآخرة إلى عذاب غليظ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

وبعد هذا الخوف الشديد الذي أصاب المؤمنين في مبدأ لقائهم بأعدائهم في غزوة حنين ، يجئ نصر الله الذي عبر عنه - سبحانه - بقوله : { ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين } .

والسكينة : الطمأنينة والرحمة والأمنة وهى فعلية من السكون : وهو ثبوت الشيئ بعد التحرك . أو من السكن وهو كل ما سكنت إليه واطمأنت به من أهل وغيرهم .

أى : ثم أنزل الله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى المؤمنين رحمته التي تسكن إليها القلوب ، وتطمئن بها اطمئناناً يستتبع النصر القريب .

وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حاجة إلى هذه السكينة ؛ لأنه مع شجاعته وثباته ووقوفه في وجه الأعداء كالطود الأشم . أصابه الحزن والآسى لفرار هذا العدد الكبير من أصحابه عنه .

وكان المؤمنون الذين ثتبوا من حوله في حاجة إلى هذه السكينة ؛ ليزدادوا ثباتاً على ثباتهم ، وإيماناً على إيمانهم .

وكان الذين فروا في حاجة إلى السكينة ، ليعود إليهم ثباتهم ، فيقبلوا على قتالهم أعدائهم بعد أن دعاهم رسولهم - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك .

وقوله : { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } بيان لنعمة أخرى سوى إنزال السكينة .

أى : وأنزل مع هذه السكينة جنوداً من الملائكة لم تروها بأبصاركم ، ولكنكم وجدتم آثرها في قلوبكم ، حيث عاد إليكم ثباتكم وإقدامكم .

وقوله : { وَعذَّبَ الذين كَفَرُواْ } ، بيان لنعمة ثالثة سوى السابقتين .

أى : أنزل سكينته وأنزل جنوداً لم تروها ، وعذب الذين كفروا بأن سلطكم عليهم فقتلتم منهم من قتلتم ، وأسرتم من أسرتم .

وقوله : { وذلك جَزَآءُ الكافرين } أى وذلك الذي نزل بهؤلاء الكافرين من التعذيب جزاء لهم على كفرهم ، وصدهم عن سبيل الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) . .

وكأنما السكينة رداء ينزل فيثبت القلوب الطائرة ويهدئ الإنفعالات الثائرة .

( وأنزل جنودا لم تروها ) . .

فلا نعلم ماهيتها وطبيعتها . . وما يعلم جنود ربك إلا هو . .

( وعذب الذين كفروا ) .

بالقتل والأسر والسلب والهزيمة :

( وذلك جزاء الكافرين ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

{ ثم أنزل الله سكينته } رحمته التي سكنوا بها وأمنوا . { على رسوله وعلى المؤمنين } الذين انهزموا وإعادة الجار للتنبيه على اختلاف حاليهما . وقيل هم الذين ثبتوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يفروا . { وأنزل جنودا لم تروها } بأعينكم أي الملائكة وكانوا خمسة آلاف أو ثمانية أو ستة عشر على اختلاف الأقوال . { وعذّب الذين كفروا } بالقتل والأسر والسبي . { وذلك جزاء الكافرين } أي ما فعل بهم جزاء كفرهم في الدنيا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

وقوله تعالى : { ثم أنزل الله سكينته } الآية ، { ثم } هاهنا على بابها من الترتيب ، و «السكينة » النصر الذي سكنت إليه ومعه النفوس والحال ، والإشارة بالمؤمنين إلى الأنصار على ما روي ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى في ذلك اليوم يا معشر الأنصار ، فانصرفوا وهو ردوا الهزيمة ، و «الجنود » الملائكة ، و «الرعب » قال أبو حاجز يزيد بن عامر{[5583]} كان في أجوافنا مثل ضربة الحجر في الطست من الرعب ، «وعذاب الذين كفروا » هو القتل الذي استحرَّ فيهم والأسر الذي تمكن في ذراريهم ، وكان مالك بن عوف النصري قد أخرج الناس بالعيال والذراري ليقاتلوا عليها ، فخطأه في ذلك دريد بن الصمة ، وقال لمالك بن عوف راعي ضأن وهل يرد المنهزم شي ؟ وفي ذلك اليوم قتل دريد بن الصمة القتلة المشهورة ، قتله ربيعة بن رفيع بن أهبان السلمي ، ويقال ابن الدغنة{[5584]} .


[5583]:- يزيد بن عامر بن الأسود بن حبيب- أبو حاجر السوائي، قال أبو حاتم: له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، كان شهد حنينا مع المشركين، ثم أسلم، ولما انهزم المشركون يوم حنين لحق بالطائف فقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أتاني مسلما لرددت عليه أهله وماله) فلحق به، فردّ عليه أهله وماله، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة منها: ما إن رأيت ولا سمعت بواحد في الناس كلهم كمثل محمد
[5584]:- يزيد بن رُفيع (بالتصغير) بن ثعلبة- السلمي، كان يقال له: ابن الدّغُنّة، وهي أمه، ويقال: اسمها لدغة، وجزم بذلك ابن هشام، والكلبي، وأبو عبيدة، وفي غزوة حنين أدرك ربيعة دريد بن الصمة وهو في شجار له (أي هودج أو سرير) فظنه أولا امرأة، فإذا به شيخ، وفي قصة قتله له أن دريدا قال له: فإذا رجعت إلى أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة، فلما أخبرها بذلك قالت: لقد اعتق أمهات لك، ألا تكرّمت عن قتله لمّا أخبرك بمنّه علينا؟ فقال: ما كنتُ لأتكرّم عن رضا الله ورسوله. (عن الإصابة هو والهامش السابق).