تفسير الأعقم - الأعقم  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

{ ثم أنزل الله سكينته } ، قيل : رحمته التي تسكن اليها النفوس ، وقيل : السكينة الوقار { على رسوله } ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها } يعني بهم الملائكة ، وكانوا خمسة آلاف ، وقيل : ثمانية آلاف ، وقيل : ستة عشر ألفاً ، وقيل : لم يقاتلوا يوم حنين وإنما قاتلوا يوم بدر { وعذب الذين كفروا } بالقتل والأسر وسبي النساء والذراري ، روي أنه سبي منهم يومئذ ستة آلاف نفس وأخذوا من الابل والغنم ما لا يحصى { ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء } أي يسلم بعد ذلك ناس منهم ، وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فتح مكة في شهر رمضان وخرج متوجهاً إلى حنين لقتال هوازن وغطفان وثقيف ، وقد اجتمعوا لقتال المسلمين وتوجهوا ومعهم أموالهم ونساءهم وذراريهم ، وفيهم دريد بن الصمة شيخ كبير ، " وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما بقي انهزموا وبقي معه جماعة منهم العباس وهو ينادي : " يا معاشر المهاجرين والأنصار ، يا معاشر أصحاب الشجرة ، يا معاشر سورة البقرة " ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يركض بغلته على العدوّ ، وأبو سفيان بن الحرث آخذ بالركاب ، والعباس باللجام ، وهو يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب

وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يكرّ على الناس وهو يقول :

قد قال إذ عممني العمامة *** أنت الذي بعدي له الإمامة

فلما سمع المسلمون صوت العباس أقبلوا راجعين يقولون : لبيك ، وتبادر الأنصار خاصة ، وقاتلوا المشركين حتى قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الآن حمى الوطيس " ثم أخذ كفاً من الحصى فرماها بهم وقال : " شاهت الوجوه " فامتلأت عيونهم من التراب وولوا منهزمين " .