تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

المفردات :

سكينته : رحمته التي تسكن عندها النفوس .

26 – { ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } .

ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته ثبات الواقع حين وقع ، وثبت نفر من المؤمنين قرابة مائة .

أي : أزل الله طمأنينته وثباته على رسوله ، وكان في حاجة إلى هذه الطمأنينة ؛ فهو مع ثباته وشجاعته ، ووقوفه في وجه الأعداء كالطود الأشم ؛ أصابه الحزن والأسى ؛ لفرار هذا العدد الكبير من أصحابه .

وكان المؤمنين الذين ثبتوا معه في حاجة إلى هذه السكينة ؛ ليزدادوا ثباتا مع ثباتهم ، وكان الذين فروا في حاجة إلى هذه السكينة ؛ ليعود إليهم ثباتهم فيقبلوا على قتال أعدائهم بعد أن دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك .

وأمر النبي العباس – وكان جهورى الصوت – أن ينادي بأعلى صوته : يا أصحاب بيعة العقبة ، يا أصحاب بيعة الشجرة ، فقالوا جميعا : لبيك لبيك ، ونادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلي عباد الله ، إلي عباد الله ، فتوافد المسلمون ، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصدقوا في حملتهم على عدوهم ، وأخذ النبي قبضة من التراب ودعا ربه ، واستنصره قائلا : " اللهم أنجز لي ما وعدتني " ثم رمى بالتراب في وجوه القوم ، فما بقي إنسان إلا أصابه منها في عينه وفمه ما شغله عن القتال ، ثم انهزموا فتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ، ثم جاءوا بالأسرى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان السبى ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألفا ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، وكانت تلك أكبر غنيمة غنمهما المسلمون36 .

{ وأنزل جنودا لم تروها } . أي : أنزل ملائكة تكثر سواد المسلمين وتثبتهم ، وتلقي الرعب في قلوب المشركين ؛ حتى طارت قلوبهم فزعا وخوفا ، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون .

{ وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين } .

أي : أنزل بالكافرين الهزيمة والقتل والجرح والسبي وغنيمة الأموال ، روى أن عليا رضي الله عنه قتل بيده أربعين رجلا في هذه الغزوة وذلك ما فعله سواه من المقاتلين .

{ وذلك جزاء الكافرين } .

أي : وذلك الذي نزل بهؤلاء الكافرين من التعذيب ؛ جزاء لهم على كفرهم ؛ وصدهم عن سبيل الله .