{ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } أي أنزل ما يسكنهم فيذهب خوفهم حتى وقع منهم الاجتراء على قتال المشركين بعد أن ولوا مدبرين ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثابت لم يفر ، والمراد بالمؤمنين هم الذين لم ينهزموا وقيل الذين انهزموا ، والظاهر جميع من حضر منهم لأنهم ثبتوا بعد ذلك وقاتلوا وانتصروا .
{ وأنزل جنودا لم تروها } هم الملائكة ، واختلف في عددهم على أقوال ، قيل كانوا خمسة آلاف ، وقيل ثمانية آلاف ، وقيل ستة عشر ألفا ، وقيل غير ذلك ، وهذا لا يعرف إلا من طريق النبوة . واختلفوا أيضا هل قاتلت الملائكة في هذا اليوم أم لا ، وقد تقدم أن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر وأنهم إنما حضروا في غير يوم بدر لتقوية قلوب المؤمنين وإدخال الرعب في قلوب المشركين وإن كانوا لا يرونهم ، وقيل أن الكفار كانت تراهم .
عن جبير بن مطعم قال : رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد{[881]} الأسود أقبل من السماء حتى سقط بين القوم ، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملآ الوادي لم أشك أنها الملائكة ، ولم تكن إلا هزيمة للقوم .
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فولى عنه الناس وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار ، فكنا على أقدامنا نحوا من ثمانين قدما ، ولم نولهم الدبر ، وهم الذين أنزل عليهم السكينة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته البيضاء يمضي قدما فقال : ناولني كفا من تراب فناولته فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابا وولى المشركين أدبارهم{[882]} .
{ وعذب الذين كفروا } بما وقع عليهم من القتل والأسر وأخذ الأموال وسبي الذرية ، وقال السدي : قتلهم بالسيف ، قيل أسر ستة آلاف من نسائهم وصبيانهم ، ولم تقع غنيمة أعظم من غنيمتهم قد كان فيها من الإبل اثنا عشر ألفا ومن الغنم ما لا يحصى عددا ومن الأسرى ما سمعته وكان فيها غير ذلك .
{ وذلك } التعذيب المفهوم من عذب { جزاء الكافرين } سمي ما حل بهم من العذاب في هذا اليوم جزاء مع أنه غير كاف ، بل لابد من عذاب الآخرة مبالغة في وصف ما وقع عليهم وتعظيما له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.