{ ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين } والمراد بالسّكينة : ما يسكن إليه القلبُ ، ويوجب الأمنة ، ووجه الاستعارة فيه : أنَّ الإنسان إذا خاف فرَّ وفُؤاده متحرك ، وإذا أمن ؛ سكن وثبت ؛ فلمَّا كان الأمن موجباً للسكون جعل لفظ السَّكينة كناية عن الأمن . ثم قال تعالى : { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } والمراد : أَنْزَلَ الملائِكة ، وليس في هذه الآية ما يدلُّ على عدّة الملائكة ، كما هو في قصة بدر ، فقال سعيد بن جبير : " أيَّد الله نبيه بخمسة آلاف من الملائكة " ولعله إنَّما قاسه على يوم بدر{[17707]} .
وقال سعيدُ بن المسيبِ : حدَّثني رجلٌ كان في المشركين يوم حنين قال : لمَّا كشفنا المسلمين جعلنا نسوقهم ، فلمَّا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء ، تلقانا رجال بيض الوجوه ، فقالوا : شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا فركبوا أكتافنا ، واختلفوا في أنَّ الملائكة هل قاتلوا ذلك اليوم{[17708]} ؟ فالذي روي عن سعيد بن المسيب يدلُّ على أنهم قاتلوا ، وقال آخرون : إن الملائكة ما قاتلوا إلا يوم بدر ، وفائدة نزولهم في هذا اليوم : هو إبقاء الخواطر الحسنة في قلوب المؤمنين .
ثم قال تعالى : { وَعذَّبَ الذين كَفَرُواْ } والمرادُ من هذا التَّعذيب : قتلهم وأسرهم ، وأخذ أموالهم وسبي ذراريهم .
وهذه الآية تدلُّ على أنَّ فعل العبد خلق لله تعالى ؛ لأنَّ المراد من هذا التَّعذيب ليس إلا الأخذ والأسر ، وقد نسب تلك الأشياء إلى نفسه .
قوله : { وذلك جَزَآءُ الكافرين } تَمسَّك الحنفيَّةُ في مسألة الجلد مع التعزير بقوله { الزانية والزاني فاجلدوا } [ النور : 2 ] قالوا : الفاءُ تدلُّ على كون الجلد جزاء ، والجزاء اسم للكافي ، وكون الجلد كافياً يمنع كون غيره مشروعاً معه ، وأجيبوا بأن الجزاء ليس اسماً للكافي ؛ لأنه تعالى سمَّى هذا التعذيب جزاء مع أنَّ المسلمين أجمعوا على أنَّ العقوبة الدائمة في القيامة مُدَّخرة لهم ، فدلت هذه الآية على أنَّ الجزاء ليس اسماً لما يقع به الكفاية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.