فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

قوله : { ثُمَّ أَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين } : هم الذين لم ينهزموا ، وقيل : الذين انهزموا .

والظاهر : جميع من حضر منهم ؛ لأنهم ثبتوا بعد ذلك وقاتلوا وانتصروا .

قوله : { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } هم الملائكة . وقد اختلف في عددهم على أقوال : قيل : خمسة آلاف . وقيل : ثمانية آلاف ، وقيل : ستة عشر ألفاً . وقيل : غير ذلك ، وهذا لا يعرف إلا من طريق النبوّة . واختلفوا أيضاً هل قاتلت الملائكة في هذا اليوم أم لا ؟ وقد تقدم أن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر ، وأنهم إنما حضروا في غير يوم بدر لتقوية قلوب المؤمنين ، وإدخال الرعب في قلوب المشركين { وَعذَّبَ الذين كَفَرُواْ } بما وقع عليهم من القتل والأسر وأخذ الأموال وسبي الذرية ، والإشارة بقوله : { وَذَلِكَ } إلى التعذيب المفهوم من عذب ، وسمي ما حلّ بهم من العذاب في هذا اليوم جزاء مع أنه غير كاف بل لا بدّ من عذاب الآخرة مبالغة في وصف ما وقع عليهم وتعظيماً له .

/خ27