قوله تعالى : { فلما آتاهما صالحا } ، بشراً سوياً .
قوله تعالى : { جعلا له شركاء فيما آتاهما } ، قرأ أهل المدينة وأبو بكر : { شركا } بكسر الشين والتنوين ، أي : شركة ، قال أبو عبيدة : أي حظاً ونصيباً ، وقرأ الآخرون : { شركاء } بضم الشين ممدوداً على جمع شريك ، يعني : إبليس ، أخبر عن الواحد بلفظ الجمع ، أي : جعلا له شريكاً إذ سمياه عبد الحارث ، ولم يكن هذا إشراكاً في العبادة ، ولا أن الحارث ربهما ، فإن آدم كان نبياً معصوماً من الشرك ، ولكن قصد إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه ، وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه معبود هذا ، كالرجل إذا نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف ، على وجه الخضوع لا على أن الضيف ربه ، ويقول للغير : أنا عبدك ، وقال يوسف لعزيز مصر : إنه ربي ، ولم يرد به أنه معبوده ، كذلك هذا .
قوله تعالى : { فتعالى الله عما يشركون } ، قيل : هذا ابتداء كلام ، وأراد به إشراك أهل مكة ، ولئن أراد به ما سبق فمستقيم من حيث إنه كان الأولى بهما أن لا يفعلا ما أتيا به من الإشراك في الاسم ، وفي الآية قول آخر وهو أنه راجع إلى جميع المشركين من ذرية آدم ، وهو قول الحسن وعكرمة ، ومعناه : جعل أولادهما له شركاء ، فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم ، كما أضاف فعل الآباء إلى الأبناء في تعييرهم بفعل الآباء فقال : { ثم اتخذتم العجل } ، { وإذ قتلتم نفساً } خاطب به اليهود الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك الفعل من آبائهم . وقيل : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصروا ، وقال ابن كيسان : هم الكفار ، سموا أولادهم عبد العزى ، وعبد اللات ، وعبد مناة . وقال عكرمة : خاطب كل واحد من الخلق بقوله { خلقكم } أي خلق كل واحد من أبيه ، { وجعل منها زوجها } ، أي : جعل من جنسها زوجها ، وهذا قول حسن لولا قول السلف مثل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، ومجاهد ، وسعيد بن المسيب ، وجماعة المفسرين : أنه في آدم وحواء .
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا على وفق ما طلبا ، وتمت عليهما النعمة فيه جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا أي : جعلا للّه شركاء في ذلك الولد الذي انفرد اللّه بإيجاده والنعمة به ، وأقرَّ به أعين والديه ، فَعَبَّدَاه لغير اللّه . إما أن يسمياه بعبد غير اللّه ك " عبد الحارث " و " عبد العزيز " {[335]} و " عبد الكعبة " ونحو ذلك ، أو يشركا باللّه في العبادة ، بعدما منَّ اللّه عليهما بما منَّ من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد .
وهذا انتقال من النوع إلى الجنس ، فإن أول الكلام في آدم وحواء ، ثم انتقل إلى الكلام في الجنس ، ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا ، فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك ، وأنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم ، سواء كان الشرك في الأقوال ، أم في الأفعال ، فإن الخالق لهم من نفس واحدة ، الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا ، ثم جعل بينهم من المودة والرحمة ما يسكن بعضهم إلى بعض ، ويألفه ويلتذ به ، ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة والأولاد والنسل .
ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات ، وقتا موقوتا ، تتشوف إليه نفوسهم ، ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا ، فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم .
أفلا يستحق أن يعبدوه ، ولا يشركوا به في عبادته أحدا ، ويخلصوا له الدين .
{ فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا } أى : فحين أعطاهما - سبحانه - الولد الصالح الذي كانا يتمنيانه ، جعلا لله - تعالى - شركاء في هذه العطاء ، وأخلا بالشكر في مقابلة هذه النعمة أسوأ إخلال ، حيث نسبوا هذا العطاء إلى الأصنام والأوثان ، أو إلى الطبيعة كما يزعم الطبعيون أو إلى غير ذلك مما يتنافى مع إفراد الله - تعالى - بالعبادة والشكر .
وقوله { فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } تنزيه فيه معنى التعجيب من أحوالهم . أى : تنزه - سبحانه - وتقدس عن شرك هؤلاء الأغبياء الجاحدين الذين يقابلون نعم الله بالإشراك والكفران .
والضمير في { يُشْرِكُونَ } يعود على أولئك الآباء الذين جعلوا لله شركاء : هذا والمحققون من العلماء يرون أن هاتين الآيتين قد سيقتا توبيخا للمشركين حيث إن الله - تعالى - أنعم عليهم بخلقهم من نفس واحدة ، وجعل أزواجهم من أنفسهم ليأنسوا بهن ، وأعطاهم الذرية ، وأخذ عليهم العهود بشكره على هذه النعم ، ولكنهم جحدوا نعمه وأشركوا معه في العبادة والشكر آلهة أخرى { فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
ويرى بعض المفسرين أن المراد بهذا السياق آدم وحواء ، واستدلوا على ذلك بما رواه الإمام أحمد - بسنده - عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " لما طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال لها سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش ، وكان ذلك من وحى الشيطان وأمره .
وقد أثبت ابن كثير في تفسيره ضعف هذا الحديث من عدة وجوه ، ثم قال : قال الحسن : عنى الله - تعالى - بهذه الآية ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده ، وقال قتادة : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى رزقهم الله اولاداً فهودوا ونصروا . قال ابن كثير : وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ، ونحن على مذهب الحسن البصرى في هذا ، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته ، ولهذا قال : { فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
وقال صاحب الانتصاف : والأسلم والأقرب أن يكون المراد - والله أعلم - جنسى الذكر والأنثى لا يقصد فيه إلى معين . وكأن المعنى خلقكم جنسا واحداً ، وجعل أزواجكم منكم أيضاً لتسكنوا إليهن ، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر ، الجنس الآخر الذي هو الأنثى جرى من هذين الجنسين كيت وكيت . وإنما نسب هذه المقالة إلى الجنس وإن كان فيهم الموحدون على حد قولهم : " بنو فلان قتلوا قتيلا " يعنى من نسبة البعض إلى الكل .
والذى نراه أن الآيتين ورادتان في توبيخ المشركين على شركهم ونقضهم لعهودهم مع الله - تعالى - لأن الأحاديث والأثار التي وردت في أنهما وردتا في شأن آدم وحواء لتسميتها ابنهما بعبد الحارث اتباعاً لوسوسة الشيطان لهما - ليست صحيحة ، كما أثبت ذلك علماء الحديث .
( فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما . فتعالى الله عما يشركون ! ) . .
إن بعض الروايات في التفسير تذكر هذه القصة على أنها قصة حقيقية وقعت لآدم وحواء . . إذ كان أبناؤهما يولدون مشوهين . فجاء إليهما الشيطان فأغرى حواء أن تسمي ما في بطنها " عبد الحارث " . . والحارث اسم لإبليس . ليولد صحيحاً ويعيش ؛ ففعلت وأغرت آدم معها ! وظاهر ما في هذه الرواية من طابع إسرائيلي . . ذلك أن التصور الإسرائيلي المسيحي - كما حرفوا ديانتهم - هو الذي يلقي عبء الغواية على حواء ، وهو مخالف تماماً للتصور الإسلامي الصحيح .
ولا حاجة بنا إلى هذه الإسرائيليات لتفسير هذا النص القرآني . . فهو يصور مدارج الانحراف في النفس البشرية . . ولقد كان المشركون على عهد رسول الله [ ص ] وقبله ، ينذرون بعض أبنائهم للآلهة ، أو لخدمة معابد الآلهة ! تقرباً وزلفى إلى الله ! ومع توجههم في أول الأمر لله ، فإنهم بعد دحرجة من قمة التوحيد إلى درك الوثنية كانوا ينذرون لهذه الآلهة أبناءهم لتعيش وتصح وتوقى المخاطر ! كما يجعل الناس اليوم نصيباً في أبدان أبنائهم للأولياء والقديسين . كأن يستبقوا شعر الغلام لا يحلق أول مرة إلا على ضريح ولي أو قديس . أو أن يستبقوه فلا ختان حتى يختن هناك . مع أن هؤلاء الناس اليوم يعترفون بالله الواحد . ثم يتبعون هذا الاعتراف بهذه الاتجاهات المشركة . والناس هم الناس !
( فتعالى الله عما يشركون ! ) .
وتنزه عن الشرك الذي يعتقدون ويزاولون !
على أننا نرى في زماننا هذا صنوفاً وألواناً من الشرك ؛ ممن يزعمون أنهم يوحدون الله ويسلمون له ، ترسم لنا صورة من مدارج الشرك التي ترسمها هذه النصوص .
إن الناس يقيمون لهم اليوم آلهة يسمونها " القوم " ويسمونها " الوطن " ، ويسمونها " الشعب " . . إلى آخر ما يسمون . وهي لا تعدو أن تكون أصناماً غير مجسدة كالأصنام الساذجة التي كان يقيمها الوثنيون . ولا تعدو أن تكون آلهة تشارك الله - سبحانه - في خلقه ، وينذر لها الأبناء كما كانوا ينذرون للآلهة القديمة ! ويضحون لها كالذبائح التي كانت تقدم في المعابد على نطاق واسع !
إن الناس يعترفون بالله ربا . ولكنهم ينبذون أوامره وشرائعه من ورائهم ظهرياً ، بينما يجعلون أوامر هذه الآلهة ومطالبها " مقدسة " . تخالف في سبيلها أوامر الله وشرائعه ، بل تنبذ نبذاً . فكيف تكون الآلهة ؟ وكيف يكون الشرك ؟ وكيف يكون نصيب الشركاء في الأبناء . . إن لم يكن هو هذا الذي تزاوله الجاهلية الحديثة ! !
ولقد كانت الجاهلية القديمة اكثر أدباً مع الله . . لقد كانت تتخذ من دونه آلهة تقدم لها هذه التقدمات من الشرك في الأبناء والثمار والذبائح لتقرب الناس من الله زلفى ! فكان الله في حسها هو الأعلى . فأما الجاهلية الحديثة فهي تجعل الآلهة الأخرى أعلى من الله عندها . فتقدس ما تأمر به هذه الآلهة وتنبذ ما يأمر به الله نبذاً !
إننا نخدع أنفسنا حين نقف بالوثنية عند الشكل الساذج للأصنام والآلهة القديمة ، والشعائر التي كان الناس يزاولونها في عبادتها واتخاذها شفعاء عند الله . . إن شكل الأصنام والوثنية فقط هو الذي تغير . كما أن الشعائر هي التي تعقدت ، واتخذت لها عنوانات جديدة . . أما طبيعة الشرك وحقيقته فهي القائمة من وراء الأشكال والشعائر المتغيرة . .
وهذا ما ينبغي ألا يخدعنا عن الحقيقة !
إن الله - سبحانه - يأمر بالعفة والحشمة والفضيلة . ولكن " الوطن " أو " الإنتاج " يأمر بأن تخرج المرأة وتتبرج وتغري وتعمل مضيفة في الفنادق في صورة فتيات الجيشا في اليابان الوثنية ! فمن الإله الذي تتبع أوامره ؟ أهو الله سبحانه ؟ أم إنها الآلهة المدعاة ؟
إن الله - سبحانه - يأمر أن تكون رابطة التجمع هي العقيدة . . ولكن " القومية " أو " الوطن " يأمر باستبعاد العقيدة من قاعدة التجمع ؛ وأن يكون الجنس أو القوم هو القاعدة ! . . فمن هو الإله الذي تتبع أوامره ؟ أهو الله - سبحانه - أم هي الآلهة المدعاة ؟ !
إن الله - سبحانه - يأمر أن تكون شريعته هي الحاكمة . ولكن عبداً من العبيد - أو مجموعة من " الشعب " - تقول : كلا ! إن العبيد هم الذين يشرعون وشريعتهم هي الحاكمة . . فمن هو الإله الذي تتبع اوامره ؟ أهو الله سبحانه أم هي الآلهة المدعاة ؟ !
إنها أمثلة لما يجري في الأرض كلها اليوم ؛ ولما تتعارف عليه البشرية الضالة . . أمثلة تكشف عن حقيقة الوثنية السائدة ، وحقيقة الأصنام المعبودة ، المقامة اليوم بديلاً من تلك الوثنية الصريحة ، ومن تلك الأصنام المنظورة ! ويجب ألا تخدعنا الأشكال المتغيرة للوثنية والشرك عن حقيقتها الثابتة ! ! !
{ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها ، ثم نتبع ذلك بيان الصحيح في ذلك ، إن شاء الله وبه الثقة .
قال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عمر بن إبراهيم ، حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي{[12508]} صلى الله عليه وسلم قال : " ولما ولدت حواء طاف بها إبليس - وكان لا يعيش لها ولد - فقال : سميه عبد الحارث ؛ فإنه يعيش ، فسمته عبد الحارث ، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " .
وهكذا رواه{[12509]} ابن جرير ، عن محمد بن بشار ، بُنْدَار ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، به .
ورواه الترمذي في تفسيره{[12510]} هذه الآية عن محمد بن المثنى ، عن عبد الصمد ، به وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم ، عن قتادة ، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ، ولم يرفعه .
ورواه الحاكم في مستدركه ، من حديث عبد الصمد مرفوعًا ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
ورواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره ، عن أبي زُرْعَة الرازي ، عن هلال بن فياض ، عن عمر بن إبراهيم ، به مرفوعًا .
وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مَرْدويه في تفسيره من حديث شاذ بن فياض ، عن عمر بن إبراهيم ، به مرفوعا{[12511]}
قلت : " وشاذ " [ هذا ]{[12512]} هو : هلال ، وشاذ لقبه . والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري ، وقد وثقه ابن معين ، ولكن قال أبو حاتم الرازي : لا يحتج به . ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن سمرة{[12513]} مرفوعا فالله أعلم .
الثاني : أنه قد روي من قول سمرة نفسه ، ليس مرفوعًا ، كما قال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه . وحدثنا ابن علية{[12514]} عن سليمان التيمي ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن سمرة بن جندب ، قال : سمى آدم ابنه " عبد الحارث " .
الثالث : أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا ، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعًا ، لما عدل عنه .
قال ابن جرير : حدثنا ابن وَكِيع ، حدثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الحسن : { جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا } قال : كان هذا في بعض أهل الملل ، ولم يكن بآدم{[12515]}
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : قال الحسن : عنى بها ذرية آدم ، ومن أشرك منهم بعده - يعني : [ قوله ]{[12516]} { جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا }{[12517]}
وحدثنا بشر{[12518]} حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولادًا ، فهوّدوا ونَصَّروا{[12519]}
وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن ، رحمه الله ، أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت{[12520]} عليه الآية ، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما عدل عنه هو ولا غيره ، ولا سيما مع تقواه لله وَوَرَعه ، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب ، من آمن منهم ، مثل : كعب أو وهب بن مُنَبّه وغيرهما ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله [ تعالى ]{[12521]} إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع ، والله أعلم .
فأما{[12522]} الآثار فقال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن داود بن الحُصَين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كانت حواء تلد لآدم ، عليه السلام ، أولادا فيعبدهم لله ويُسَمّيه : " عبد الله " و " عبيد الله " ، ونحو ذلك ، فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس وآدم فقال : إنكما لو تسميانه بغير الذي تُسميانه به لعاش{[12523]} قال : فولدت له رجلا{[12524]} فسماه " عبد الحارث " ، ففيه أنزل الله ، يقول الله : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } إلى قوله : { جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا } إلى آخر الآية .