تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحٗا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَاۚ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (190)

الآية 190 [ وقوله تعالى ]{[9231]} { فلما آتاهما صالحا } يعني ذكرا { جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون } والله أعلم بذلك .

وقال الحسن : الآية في مشركي العرب إلا قوله تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها } فإن ذلك في آدم وحواء . ألا ترى أنه قال : { أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون } ؟ [ الأعراف : 191 ] دل ما ذكرنا .

وقال أبو بكر الأصمّ : قوله تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة } وهي{[9232]} نفس آدم { وجعل منها زوجها } أي خلق كل نفس منكم من تلك النفس ، وجعل لكل نفس منكم زوجة من تلك النفس { ليسكن إليها } فعلى هذا التأويل يصرف آخر الآية إلى غير آدم وحواء .

وقال القتبيّ : قوله تعالى : { فمرّت به } استمرت بالحمل ، وقوله تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة } إن العرب كانت تعبد الأصنام تقليدا لآبائهم وسلفهم ، فيذكر سفههم أن النفس التي منها لم تقلّد أحدا ، ولم تشرك أحدا . إنما اتبعت ما في العقل حسنه أو ما في السمع من الأمر . فكيف اتبعتم أنتم النفس التي خلقتم منها ؟ وهي لم تتبع إلا ما ذكرنا دون ما اتبعتم في الإشراك له آباءكم .

ولو كانت القصة في آدم على ما يقول أهل التأويل [ لكان ]{[9233]} للعرب تعلّق واقتداء ، فيقولون : إنه إشراك ، ونحن نشرك . فدل أنه ليس على ما قالوا ، ولكن على الوجوه التي ذكرنا .

وفي قوله تعالى : { خلقكم من نفس واحدة } دلالة أن ليس لأحد من البشر على آخر [ فضل ]{[9234]} من جهة الخلقة والنسبة ؛ إذ كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة ، وهو إخوة وأخوات . وإن كان لأحد فضل على آخر فإنما يكون لأعمال يكتسبها وأخلاق محمودة ومحاسن يختارها . وأما من جهة الخلقة فلا فضل لبعض على بعض كقوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } [ الحجرات : 13 ] .


[9231]:ساقطة من الأصل وم.
[9232]:في الأصل وم: وهو.
[9233]:ساقطة من الأصل وم.
[9234]:ساقطة من الأصل وم.