سورة   الأعراف
 
بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحٗا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَاۚ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (190)

وروى معمر عن قتادة أنه قال : كان آدم لا يولد له ولد إلا مات فجاء الشيطان وقال : إن سرك أن يعيش ولدك فسمه عبد الحارث ففعل . فأشركا في الاسم . ولم يشركا في العبادة . وروي عن السدي أنه قال : اسم إبليس هو الحارث يوم لعن فأراد أن ينسب إليه ، فأمرها فسمته عبد الحارث ، فعاش بعد ذلك أياماً ثم مات . فذلك قوله : { فَلَمَّا آتاهما } يعني : أعطاهما { صالحا } خلقاً آدمياً سوياً { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما } قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } بكسر الشين وجزم الراء وقرأ الباقون { شُرَكَاء } بالضم ونصب الراء . فمن قرأ بالكسر فهو على معنى التسمية ، وهو اسم يقوم مقام المصدر ومن قرأ بالضم فمعناه : { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } يعني : الشريك في الاسم وإنما ذكر الشركاء وأراد به الشريك يعني : الشيطان فإن قيل : من قرأ بالكسر كان من حق الكلام أن يقول جعلا لغيره شركاً ، لأنهما لا ينكران أن الأصل لله تعالى . وإنَّما جعلا لغيره شركاً أي نصيباً . قيل له : معناه { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } يعني : ذا شرك . فذكر الشرك والمراد به شركه كقوله تعالى : { وسأل القرية } [ يوسف : 12 ] أي أهل القرية فضرب الله تعالى بهذا مثلاً للكفار يعني : كما أن آدم وحواء أعطاهما ورزقهما فاشركوا في عبادته .

ثم نزه نفسه عن الشرك فقال تعالى : { فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي هو أعلى وأجل من أن يوصف بالشرك .