{ فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً } أي ولداً بشراً سوياً حياً آدمياً { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ } .
قرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وأبان بن ثعلب وعاصم وعكرمة وأهل المدينة شركاء بكسر الشين والتنوين أي شركه .
قال أبو عبيدة : أي حظاً ونصيباً من غيره ، وقرأ الباقون شركاء مضمومة الشين ممدودة على جمع شريك أخبر عن الواحد بلفظ الجمع ، لقوله تعالى
{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } [ آل عمران : 173 ] مفرداً ، تم الكلام هاهنا ثمّ قال : { فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } يعني أهل مكة .
واختلف العلماء في تأويل الشرك المضاف إلى آدم وحواء فقال المفسرون : كان شركاء في التسمية والصفة لا في العبادة والربوبية .
وقال أهل المعاني : أنهما لم يذهبا إلى أن الحرث ربهما بتسميتهما ولدهما عبد الحرث لكنهما قصدا إلى أن الحرث سبب نجاة الولد وسلامة أُمّه فسمياه ، كما [ يُسمى ] ربّ المنزل ، وكما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه على جهة الخضوع له لا على أن الضيف ربّه .
وإنّي لعبد الضيف ما دام ثاوياً *** وما فيّ إلاّ تلك من شيمة العبد
وقال قوم من أهل العلم : إن هذا راجع إلى المشركين من ذرية آدم وإن معناه جعل أولادهما له شركاء فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم كقوله تعالى
{ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] وكما أضاف فعل الآباء إلى الأبناء في تفريقهم بفعل آبائهم ، فقال لليهود الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ اتخذتم العجل من بعده . وقال
{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا } [ البقرة : 72 ] . وقال سبحانه :
{ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللَّهِ } [ البقرة : 91 ] ونحوها ، ويدل عليه ما روى معمر عن الحسن قال : عني بهذا من أشرك من ذرية آدم ولم يكن عنى آدم .
وروى قتادة عنه قال : هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصّروا .
وقال ابن كيسان : هم الكفار جعلوا لله شركاء عبد العزى وعبد مناة .
وقال عكرمة : لم يخص بها آدم ولكن جعلها عامة لجميع بني آدم من بعد آدم .
قال الحسين بن الفضل : وهذا حجب إلى أهل النظر لما في القول الأول من إلصاق العظائم بنبي الله آدم ( عليه السلام ) ويدل عليه جمعه في الخطاب حيث قال : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } ، ثمّ قال : { فَلَماَّ تَغَشَّاهَا } انصرف من ذلك الخطاب إلى الخبر يعني فلما تغشى الرجل منكم امرأته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.