معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (103)

قوله تعالى : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } قال ابن عباس : الفزع الأكبر : النفخة الأخيرة بدليل قوله عز وجل : { ونفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض } قال الحسن : حتى يؤمر بالعبد إلى النار . وقال ابن جريج : حين يذبح الموت وينادى يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت . وقال سعيد بن جبير والضحاك : هو أن تطبق عليهم جهنم وذلك بعد أن يخرج الله منها من يريد أن يخرجه . { وتتلقاهم الملائكة } أي تستقبلهم الملائكة على أبواب الجنة يهنئونهم ويقولون : { هذا يومكم الذي كنتم توعدون }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (103)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هََذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } .

اختلف أهل التأويل في الفزع الأكبر أيّ الفزع هو ؟ فقال بعضهم : ذلك النار إذا أطبقت على أهلها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير : لا يَحْزُنهُمْ الفَزَعُ الأكْبَرُ قال : النار إذا أطبقت على أهلها .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قوله : لا يَحْزُنهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ قال : حين يطبق جهنم ، وقال : حين ذُبح الموت .

وقال آخرون : بل ذلك النفخة الاَخرة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لا يَحْزُنهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ يعني النفخة الاَخرة .

وقال آخرون : بل ذلك حين يؤمر بالعبد إلى النار . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن رجل ، عن الحسن : لا يَحْزُنهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ قال : انصراف العبد حين يُؤْمر به إلى النار .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : ذلك عند النفخة الاَخرة وذلك أن من لم يحزنه ذلك الفزع الأكبر وأمن منه ، فهو مما بعدَه أحْرَى أن لا يفزَع ، وأن من أفزعه ذلك فغير مأمون عليه الفزع مما بعده .

وقوله : وَتَتَلَقّاهُمُ المَلائِكَةُ يقول : وتستقبلهم الملائكة يهنئونهم يقولون : هَذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فيه الكرامة من الله والحِباء والجزيل من الثواب على ما كنتم تنصَبون في الدنيا لله في طاعته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن زيد .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : هَذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ قال : هذا قبل أن يدخلوا الجنة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (103)

و { الفزع الأكبر } عام في كل هول في يوم القيامة فكأن يوم القيامة بجملته هو { الفزع الأكبر } وإن خصص بشيء من ذلك فيجب أن يقصد لأعظم هوله ، قالت فرقة في ذلك هو ذبح الموت ، وقالت فرقة هو وقوع طبق جهنم على جهنم ، وقال فرقة هو الأمر بأهل النار إلى النار ، وقالت فرقة هو النفخة الآخرة .

قال القاضي أبو محمد : وهذا وما قبله من الأَوقات أشبه أن يكون فيها { الفزع } لأَنها وقت لترجم الظنون وتعرض الحوادث ، فأما وقت ذبح الموت ووقوع الطبق فوقت قد حصل فيه أهل الجنة في الجنة فذلك فزع بين إلا أنه لا يصيب أحداً من أهل الجنة فضلاً عن الأنبياء ، اللهم إلا أن يريد لا يحزنهم الشيء الذي هو عند أهل النار فزع أكبر ، فأما إن كان فزعاً للجميع فلا بد مما قلنا من أنه قبل دخول الجنة وقد ذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } يعم كل مؤمن{[1]} .

وروي عن علي بن طالب رضي الله عنه أنه قال عثمان منهم ع ولا مرية أنها مع نزولها في خصوص مقصود تتناول كل من سعد في الآخرة وقوله تعالى : { وتتلقاهم الملائكة } يريد بالسلام عليهم والتبشير لهم ، أي هذا يومكم الذي وعدتم فيه الثواب والنعيم .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟