بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَا يَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ هَٰذَا يَوۡمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (103)

{ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر } ؛ قال ابن عباس رضي الله عنه يعني : النفخة الأخيرة دليل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى الصور فَفَزِعَ مَن فِى السماوات وَمَن فِى الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخرين } [ النمل : 87 ] ، وقال الحسن : حين يؤمر بالعبد إلى النار ؛ وقال مقاتل : إذا ذبح الموت بين الجنة والنار ، فيأمن أهل الجنة من الموت ويفزع أهل النار ، فيفزعون حين أيسوا من الموت ؛ وقال الكلبي ، وسعيد بن جبير ، والضحاك : إنه حين وضع الطبق على النار بعد ما أخرج منها من أخرج ، فيفزعوا لذلك فزعاً لم يفزعوا لشيء قط ؛ وذلك الفزع الأكبر . وقال مقاتل ، وابن شريح : حين يذبح الموت على هيئة كبش أملح على الأعراف ، والفريقان ينظرون فينادى : يا أهل الجنة ، خلود لا موت ؛ ويا أهل النار ، خلود لا موت . وقال ذو النون المصري : هو القطيعة والفراق ؛ ويقال : إنه الموت ، لأن أول هول يراه الإنسان من أمر الآخرة هو الموت ؛ ويقال : الفزع الأكبر عند قوله : { وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون } [ يس : 59 ] ويقال : هذا حين دعوا إلى الحساب ؛ ويقال : عند الصراط .

ثم قال تعالى : { وتتلقاهم الملائكة } ، يعني : يوم القيامة لأهل الجنة . قال مقاتل : يعني الملائكة الذين كتبوا أعمال بني آدم ، حين خرجوا من قبورهم فيقولون للمؤمنين : { هذا يَوْمُكُمُ الذى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الجنة ؛ وقال الكلبي : تتلقاهم الملائكة عند باب الجنة ويبشرونهم بذلك ، ويقولون : { هذا يَوْمُكُمُ الذى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا .