معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (43)

قوله تعالى : { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة } ، هذا تعجيب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي اختصار ، أي : وكيف يجعلونك حكماً بينهم فيرضون بحكمك وعندهم التوراة .

قوله تعالى : { فيها حكم الله } . وهو الرجم .

قوله تعالى : { ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين } ، أي بمصدقين لك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمّ يَتَوَلّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُوْلََئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } . .

يعني تعالى ذكره : وكيف يحكمك هؤلاء اليهود يا محمد بينهم ، فيرضون بك حكما بينهم ، وعندهم التوراة التي أنزلتها على موسى ، التي يقرّون بها أنها حقّ وأنها كتابي الذي أنزلته على نبي ، وأن ما فيه من حكم فمن حكمي ، يعلمون ذلك لا يتناكرونه ولا يتدافعونه ، ويعلمون أن حكمي فيها على الزاني المحصن الرجم ، وهم مع عملهم بذلك يَتَولّوْنَ يقول : يتركون الحكم به بعد اعلم بحكمي فيه جراءة عليّ وعصيانا لي . وهذا وإن كان من الله تعالى ذكره خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم ، فإنه تقريع منه لليهود الذين نزلت فيهم هذه الاَية ، يقول لهم تعالى : كيف تقرّون أيها اليهود بحكم نبي محمد صلى الله عليه وسلم مع جحود نبوّته وتكذيبكم إياه ، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرّون به أنه حقّ عليكم واجب جاءكم به موسى من عند الله ؟ يقول : فإذا كنتم تتركون حكمي ليس مَن فعل هذا الفعل : أي من تولى عن حكم الله الذي حكم به في كتابه الذي أنزله على نبيه في خلقه بالذي صدّق الله ورسوله فأقرّ بتوحيده ونبوّة نبيه صلى الله عليه وسلم لأن ذلك ليس من فعل أهل الإيمان . وأصل التولي عن الشيء : الانصراف عنه كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير : ثُمّ يَتَوَلّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ قال : توليهم ما تركوا من كتاب الله .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : وكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ يعني : حدود الله ، فأخبر الله بحكمه في التوراة .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيها حُكْمُ اللّهِ : أي بيان الله ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم ، ثمّ يَتَوَلّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الاَية .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : قال يعني الربّ تعالى ذكره يعيرهم : وكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةَ فِيها حُكمُ اللّهِ يقول الرجم .