الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (43)

{ وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ } تعجيب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به وبكتابه ، مع أن الحكم منصوص في كتابهم الذي يدّعون الإِيمان به { ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلك } ثم يعرضون من بعد تحكيمك عن حكمك الموافق لما في كتابهم لا يرضون به { وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين } بكتابهم كما يدّعون . أو وما أولئك بالكاملين في الإيمان على سبل التهكم بهم .

فإن قلت : { فِيهَا حُكْمُ الله } ما موضعه من الإعراب ؟ قلت : إمّا أن ينتصب حالاً من التوراة وهي مبتدأ خبره عندهم وإمّا أن يرتفع خبراً عنها كقولك : وعندهم في التوراة ناطقة بحكم الله وإمّا أن لا يكون له محل وتكون جملة مبنية ، لأنّ عندهم ما يغنيهم عن التحكيم ، كما تقول : عندك زيد ينصحك ويشير عليك بالصواب ، فما تصنع بغيره ؟

فإن قلت : لم أنثت التوراة ؟ قلت : لكونها نظيرة لموماة ودوداة ونحوها في كلام العرب .

فإن قلت : علام عطف ثم يتولون ؟ قلت : على يحكمونك .