الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (43)

أخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال « مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي محمم قد جلد ، فسألهم ما شأن هذا ؟ قالوا : زنى . فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود : ما تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قالوا ؛ نجد حده التحميم والجلد . فسألهم أيكم أعلم ؟ فوركوا ذلك إلى رجل منهم ، قالوا : فلان . فأرسل إليه فسأله ، قال : يجد التحميم والجلد ، فناشده رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قال : نجد الرجم ، ولكنه كثر في عظمائنا ، فامتنعوا منهم بقومهم ووقع الرجم على ضعفائنا ، فقلنا نضع شيئاً يصلح بينهم حتى يستووا فيه ، فجعلنا التحميم والجلد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ، فأمر به فرجم . قال : ووقع اليهود بذلك الرجل الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وشتموه ، وقالوا : لو كنا نعلم أنك تقول هذا ما قلنا انك أعلمنا . قال : ثم جعلوا بعد ذلك يسألون النبي صلى الله عليه وسلم : ما تجد فيما أنزل إليك حد الزاني ؟ فأنزل الله { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله } يعني حدود الله ، فأخبره الله بحكمه في التوراة قال { وكتبنا عليهم فيها } إلى قوله { والجروح قصاص } [ المائدة : 45 ] .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله } يقول : عندهم بيان ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل بن حيان في قوله { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله } يقول : فيها الرجم للمحصن والمحصنة ، والإيمان بمحمد والتصديق له { ثم يتولون } يعني عن الحق { من بعد ذلك } يعني بعد البيان { وما أولئك بالمؤمنين } يعني اليهود .