نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (43)

ولما كان التقدير : فكيف يحكمونك{[25870]} وهم يكذبونك ويدعون أنك مبطل ، عطف عليه قوله معجباً منهم موبخاً لهم : { وكيف يحكمونك } أي في شيء من الأشياء { وعندهم } أي والحال أنه عندهم { التوراة } ثم استأنف قوله : { فيها حكم الله } أي الذي لا يداني عظمته عظمة وهو الذي كان مقرراً في شرعهم أنه لا يسوغ خلافه ، فإن كانوا يعتقدون ذلك إلى الآن لم يجز لهم العدول إليك على زعمهم ، وإن كانوا لا يعتقدونه ويعتقدون أن حكمك هو الحق ولم يؤمنوا بك كانوا قد{[25871]} آمنوا ببعض وكفروا ببعض .

ولما كان الإعراض عن حكمه سبحانه عظيماً ، {[25872]} وكان وقوعه ممن يدعي أنه مؤمن به بعيداً عظيماً{[25873]} شديداً ، قال : { ثم يتولون } أي يكلفون أنفسهم الإعراض عنه سواء تأيد بحكمك به أو لا لأجل الأعراض الدنيوية ، ولما كان المراد بالحكم الجنس ، وكانوا يفعلون{[25874]} بعض أحكامها{[25875]} فلم يستغرق زمان توليهم زمان البعد ، أدخل الجار لذلك فقال : { من بعد ذلك } أي الأمر العالي وهو الحكم الذي يعلمون{[25876]} أنه حكم الله ، فلم يبق تحكيمهم لك من غير إيمان بك إلا تلاعباً .

ولما كان التقدير : فما أولئك بالمريدين للحق في ترافعهم إليك ، عطف عليه قوله : { وما أولئك } أي البعداء من الله { بالمؤمنين * } أي العريقين{[25877]} في صفة الإيمان بكتابهم{[25878]} ولا بغيره مما يستحق الإيمان به{[25879]} ، لأنهم لو كانوا عريقين{[25880]} في ذلك لآمنوا بك لأن كتابهم دعا إليك .


[25870]:في ظ: يحكمون- كذا.
[25871]:سقط من ظ.
[25872]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[25873]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[25874]:في ظ: يفعلونه.
[25875]:من ظ، وفي الأصل: أحكام.
[25876]:من ظ، وفي الأصل: تعلمون.
[25877]:في ظ: الغريقين.
[25878]:في ظ: لكتابهم.
[25879]:زيد من ظ.
[25880]:في ظ: غريقين.