معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

قوله تعالى : { لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى } لاختار { مما يخلق ما يشاء } يعني : الملائكة ، كما قالوا : { أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا }( الأنبياء-17 ) ، ثم نزه نفسه . فقال : { سبحانه } تنزيهاً له عن ذلك ، وعما لا يليق بطهارته . { هو الله الواحد القهار* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

ثم أبطل - سبحانه - كل تصور للشرك والشركاء ، بأن نزه - تعالى - ذاته عن اتخاذ الولد فقال : { لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ الله الواحد القهار } .

أى : لو أراد الله - تعالى - على سبيل الفرض والتقدير - أن يتخذ ولدا ، لاختار من خلقه ما يريده هو ، لا ما يريده الضالون ، لكنه - سبحانه - لم يختر أحد اليكون ولدا له ، فدل ذلك على بطلان زعم الزاعمين بأن الملائكة بنات الله ، أو بأن عزيراً ابن الله ، أو بأن المسيح ابن الله .

{ سُبْحَانَهُ هُوَ الله الواحد القهار } أى : تنزه - عز وجل - عن كل شئ من ذلك ، فإنه هو الله الواحد فى ذاته وفى صفاته ، القهار لكل مخلوقاته .

قال الإِمام ابن كثير : بيَّن - تعالى - فى هذه الآية أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين فى الملائكة ، والمعاندون من اليهود والنصارى فى العزيز وعيسى فقال : { لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } أى . لكان الأمر على خلاف ما يزعمون .

وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه ، بل هو محال ، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه ، كما قال : { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } وكما قال : { قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين } كل هذا من باب الشرط ، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لقصد المتكلم .

وقال بعض العلماء ما ملخصه : إرادة اتخاذ الولد هنا ممتنعة ، لأن الإِرادة لا تتعلق إلا بالممكنات ، واتخاذ الولد محال ، كما ثبت بالبرهان القطعى فتستحيل إرادته . وجعلها فى الآية شرطا وتعليق الجواب عليها ، لا يقتضى إمكانها فضلا عن وقوعها ، وقد عرف فى فصيح الكلام : تعليق المحال على المحال جوازا ووقوعا .

على أن الولدية تقتضى التجانس بين الوالد والولد . إذ هو قطعة منه . وقد ثبت أن كل ما عداه - سبحانه - مخلوق له . فيلزم بموجب التجانس أن يكون المخلوق من جنس الخالق ، وهو يستلزم حدوث الخالق ، أو قدم المخلوق ، وكلاهما محال

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

ثم يكشف عن سخف ذلك التصور وتهافته :

( لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء . سبحانه ! هو الله الواحد القهار ) .

وهو فرض جدلي لتصحيح التصور . فالله لو أراد أن يتخذ ولداً لاختار ما يشاء من بين خلقه ؛ فإرادته مطلقة غير مقيده . ولكنه - سبحانه - نزه نفسه عن اتخاذ الولد . فليس لأحد أن ينسب إليه ولداً ، وهذه إرادته ، وهذه مشيئته ، وهذا تقديره ؛ وهذا تنزيهه لذاته عن الولد والشريك :

( سبحانه ! هو الله الواحد القهار ) . .

وما اتخاذه الولد ? وهو مبدع كل شيء ؛ وخالق كل شيء ، ومدبر كل شيء ? وكل شيء وكل أحد ملكه يفعل به ما يشاء :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة ، والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير ، وعيسى فقال : { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } أي : لكان الأمر على خلاف ما يزعمون . وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه ، بل هو محال ، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه ، كما قال : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } [ الأنبياء : 17 ] { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] ، كل هذا من باب الشرط ، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لقصد المتكلم .

وقوله : { سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } أي : تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد ، فإنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي كل شيء عبد لديه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلت وخضعت .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

{ لو أراد الله أن يتخذ ولدا } كما زعموا . { لاصطفى مما يخلق ما يشاء } إذ لا موجود سواه إلا هو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه ، ومن البين أن المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الوالد له ثم قرر ذلك بقوله : { سبحانه هو الله الواحد القهار } فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للواحدة الذاتية ، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد لأن كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة ، والتعين المخصوص والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد .