تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

1

المفردات :

سبحانه : تنزيها له عن الولد والشريك .

القهار : الشديد القهر ، يغلب ولا يُغلب .

التفسير :

4- { لو أراد الله أن يتخذ ولدا لأصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار } .

لقد جعلوا لله ولدا ، وجعلوا الملائكة بنات الله ، وادعوا أنه سبحانه تزوج من سراة الجن فأنجبوا له الملائكة ، واتخذوا تماثيل الكواكب والملائكة والأنبياء والصالحين الذين مضوا ، وتوجهوا بالعبادة إلى هذه المخلوقات ، وهي عاجزة عن جلب الخير لنفسها ، أو دفع الضرّ عنها ، فكيف تحقق ذلك لغيرها ، والآية تقول لهؤلاء المشركين : سنسلم جدلا أن الله أراد أن يتخذ ولدا ، فكان الأوفق أن يختار الأفضل وهو الذكر لا الأنثى ، والأمر كما ترى استدراج لهم إلى التفكير السليم ، فالله كامل كمالا مطلقا ، وقديم قدما مطلقا ، والولد صنو أبيه ، والولد لا يكون إلا حادثا ، ومن هنا استحالة الوالدية عليه .

أي : لو أراد اتخاذ ولد ، لاتخذه ابنا ذكرا على سبيل تقدير المستحيل .

{ سبحانه هو الله الواحد القهار } .

تنزه الله تنزها مطلقا عن أن يتخذ ولدا ، أو شريكا في الألوهية ، لأن الولد مخلوق لله ، والمخلوق لا يسمى ولدا لخالقه ، ولا يصلح لذلك ، فضلا عن أن يكون شريكا له ، فهو سبحانه واحد أحد فرد صمد ، قادر مقتدر ، قهر الكون والكلّ بملكوته وجبروته وقدرته ، فهو غني عن الشرك والنظير والمثيل ، منزّه عن الولد والوالد .

وقد روى البخاري في صحيحه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله عز وجل : يكذّبني ابن آدم وما ينبغي له أن يكذبني ، ويشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ، فأما تكذيبه لي فقوله : ليس يعيدني كما بدأني ، وأما شتمه لي فقوله إن لي ولدا " {[584]} .

والآيات تؤكد ما سبق في القرآن الكريم ، من تقرير الألوهية والوحدانية ، وصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وبطلان الشرك ، والتنديد بالشرك والمشركين .


[584]:يشتمني ابن آدم: رواه البخاري في بدء الخلق (3193)، والنسائي في الجنائز (2078) وأحمد (8870).