الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

قوله تعالى : { لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } معناه : اتِّخَاذُ التشريفِ والتبنِّي ؛ وعلى هذا يستقيمُ قولُه تعالى : { لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ } وأمَّا الاتخاذُ المعهودُ في الشاهدِ فَمُسْتَحِيلٌ أن يُتَوَهَّمَ في جهة اللَّه تعالى ، ولا يستقيمُ عليه معنى قوله : { لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ } . وقوله تعالى : { وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } [ مريم : 92 ] لفظٌ يعمُّ اتخَاذَ النسلِ واتخاذَ الاصطِفاء ، فأما الأول فمعقولٌ ، وأمَّا الثاني فمعروفٌ بخبر الشرع ، ومما يدل على أن مَعْنى قوله : { أَن يَتَّخِذَ } إنما المقصودُ به اتخاذُ اصطفاء ، وَتَبَنٍّ قولُهُ : { مِمَّا يَخْلُقُ } أي : مِنْ موجوداتِه ومُحْدَثَاتِه ثم نَزَّهَ سبحانه نفسَه تنزيهاً مطلقاً عن كلِّ ما لاَ يَلِيقُ بهِ سبحانه .